ينافي كونه مؤمنا كما لا يخفى.
قلت : ليس في هذه الأخبار أنّ المؤمن يكره لقاء الله ، وإنّما المذكور فيها أنّه يكره الموت ، والموت ليس نفس لقاء الله ، بل هو موصل إليه.
قال المحقّق النراقيّ رحمه الله في «مشكلات العلوم» : فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا تستلزم كراهة لقاء الله. انتهى. توضيحه : أنّ الموت من حيث اشتماله على الآلام والسكرات يكرهه الإنسان بطبعه ، والمكره بالطبع قد يكون مطلوبا محبوبا بالنظر إلى فائدته وخاصيّته المرتّبة عليه كالفصد والحجامة ، فإنّهما في ذاتهما مؤلمان لا يلائمان طبع الإنسان ، ولكنّهما مطلوبان للعاقل يعطي بإزائهما أجرة ، لأنّهما يدفعان ما ببدنه من المرض ، وإن كان الأطفال والمجانين يهربون من الفصّاد والحجّام ، ويجزعون من عملهما ، وكذا حال المؤمن ، فإنّه بحسب طبعه الحيوانيّ يتألّم من سكرات الموت ، وأمّا بحسب رتبة الإيمان فهو مشتاق إلى الموت ، لكونه وسيلة إلى الوصول إلى لقاء الحقّ.
قال المحدّث الكاشانيّ في «الوافي» : فكراهة الموت لا تنافي لقاء الله ، مع أنّه قد ورد : أنّ حال الاحتضار يحبّب الله إلى المؤمن لقاءه حتّى يشتاق إلى الموت ، انتهى.
ويحتمل أن يكون الضمير المنصوب في قوله «فأصرفه عنه» راجعا إلى ألم الموت لا نفس الموت ، وفي «المشكلات» : إنّ كراهة الموت غير موقّت بوقت ، وكذا حبّ لقاء الله ، فيحمل الأوّل على ما قبل الاحتضار وعدم مشاهدته ما أعدّ الله له من النوازل الرفيعة ، والنعم الكثيرة ، والثاني على حال