وقال : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ
إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
ولا ينافي ذلك
قوله : (وَأَنِ اعْبُدُونِي
هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) وقوله : (فَاعْبُدُوهُ هذا
صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) فإنّ العبادة لا تكون إلّا من حيث أمر الله ، وقد أمر
عباده أن يعبدوه بدلالة أنبيائه ورسله ، فلا يقبل عبادة إلّا ما كان موافقا
لدلالتهم ، وقد قال : (وَمَنْ يَبْتَغِ
غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخاسِرِينَ) .
وأمّا إن كان
المعنيّ بالخطاب هو صلّى الله عليه وآله من دون تقدير خافض ومضاف فيرد هنا سؤال ؛
وهو أنّه هو الهادي للكلّ إلى أقوم السبل ؛ كما قال : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ) وقال : (وَيَهْدِيَكُمْ
صِراطاً مُسْتَقِيماً) وقد كان على صراط مستقيم من التوحيد وغيره ، كما قال : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وكلّ هداية فهو مسبوق بضلالة ، وهو صلّى الله عليه وآله
لم يشبه ضلالة أصلا ؛ بل كان على بيّنة من أوّل خلقه؟
وللجواب عن هذا
السؤال وجوه من المقال :
منها : أنّ كلّ
عبد وإن بلغ في كماله ما بلغ إلّا أنّه محتاج إلى ربّه في كلّ آن
__________________