أقول : إن من ينظر إلى هذه الرواية وإسنادها إلى ابن عباس حبر الأمة ، يأخذه العجب من هذه الفتيا ، أيجوز لابن عباس أن يفتي بجواز الزنا في حال الضرورة ، كما يجوز أكل الميتة ولحم الخنزير للمضطر؟ أو أن فتوى ابن عباس بإباحتها ، لأنها مباحة في أصل الشريعة كالزواج الدائم وملك اليمين ، فبماذا يجيب الحاكم العادل ، أيباح الزنا للمضطر؟ مع أن الزاني لا يزني إلا وهو مضطر إليه ، فينتفي حينئذ الزنا من الشريعة الإسلامية.
ومما يدل على إباحة المتعة وعدم نسخها كما يروي النيسابوري أيضا ، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على التناقض الحاصل في أقوال هؤلاء ، وعدم تحرزهم من مخالفة الشريعة ، فهو يروي عن «عمران بن الحصين إنه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ولم ينزل بعدها آية تنسخها وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه ، ومات ولم ينهنا ، ثم قال رجل برأيه ما شاء يريد أن عمر نهى عنها» (١). ولهذا كان أبي بن كعب يقرأ : «فما استمتعتم به
__________________
(١) نفس المصدر : ص ١٧.