ألم الجراح ؛ ولعاً
منهم بالغاية ، وشوقاً إلى جوار المصطفى (ص).
ولا تستغرب هذا ، فمَن يعرف حالة العاشق
، وأنّه عند توجّه مشاعره نحو المحبوب لا يشعر بما يلاقيه من عناء ونكد. ولقد حكى
المؤرّخون : أنّ كثيّراً الشاعر
كان في خبائة يبري سهاماً له ، فلمّا دخلت عليه عَزّة ونظر إليها أدهشه الحال ، فأخذ
يبري أصابعه ، وسالت الدماء وهو لا يحسّ بالألم .
ويتحدّث الرواة : أنّ شاباً من الأنصار
استقبل امرأة فأعجبته فأتبعها النظر ؛ فدخلت في زقاق وهو خلفها ينظر إليها ، فاعترضت
وجهه زجاجة في حائط ؛ فشقت وجهه وهو لا يشعر ، فلمّا مضت المرأة رأى الدماء تسيل
على ثوبه وصدره ، فأتى رسول الله (ص) وحكى له ، فنزل قوله تعالى : (قُل
لِّلمُؤمنينَ يَغُضُّوا من أَبصَارِهِمْ)
.
ويحدّث النبي (ص) ، بأنّ الشهيد المقتول
في سبيل الدعوة الإلهيّة لا يجد من مسِّ القتل ، إلا كما يجد الإنسان من مسِّ
القرصة .
وأمّا رشيد الهجري
، فإنّه لمّا دعاه ابن زياد ، وسأله عمّا أخبره أمير المؤمنين علي (عليه السّلام)
، قال : بلى ، دخلت عليه يوماً وعنده أصحابه ، وكان في بستان ، فدعا
__________________