إلاّ أكبّه الله في نار جهنّم» (١).
وندِم ابن الحرّ على ما فاته من نصرة الحسين (ع) ، فأنشأ :
أيا لك حسرة ما دمت حيّاً |
|
تردَّد بين صدري والتراقي |
غداةَ يقول لي بالقصر قولا |
|
أتتركنا وتعزم بالفراق |
حسين حين يطلب بذل نصري |
|
على أهل العداوة والشقاق |
فلو فلق التَّلهُّف قلب حرٍّ |
|
لهمَّ اليوم قلبي بانفلاق |
ولو واسيته يوماً بنفسي |
|
لنلت كرامةً يوم التَّلاق |
مع ابن محمّد تفديه نفسي |
|
فودع ثم أسرع بانطلاق |
لقد فاز الأولى نصروا حسيناً |
|
وخاب الآخرون ذووا النفاق (٢) |
وفي هذا الموضع اجتمع به عمرو بن قيس المشرفي وابن عمّه فقال لهما الحسين : «جئتما لنصرتي؟» قالا له : إنّا كثيروا العيال ، وفي أيدينا بضائع للناس ولَم ندرِ ماذا يكون ، ونكره أنْ نضيع الأمانة.
فقال لهما (عليه السّلام) : «انطلقا ، فلا تسمعا لي واعية ولا تريا لي سواداً ؛ فإنّه من سَمِع واعيتنا أو رأى سوادنا فلَم يجبنا أو يغثنا ، كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أنْ يكبّه على منخريه في النّار» (٣).
قرى الطف
ولمّا كان آخر الليل ، أمر فتيانه بالاستقاء والرحيل من قصر بني مقاتل وبينا
__________________
(١) خزانة الأدب ١ ص ٢٩٨.
وفي مسير الحسين بنفسه المقدّسة إلى ابن الحر تعرف الغاية الملحوظة لأبي الضيم ، فإنّه (عليه السلام) بصدد إعلام الناس بما يجب عليهم من النّهوض لسدّ باب المنكر ، وإلقاء الحجّة عليهم ؛ كيلا يقول أحد : أنه لم يدعُني إلى نصرته.
(٢) مقتل الخوارزمي ١ ص ٢٢٨ ، وذكر الدينوري في الأخبار الطوال ص ٢٥٨ أربعة منها ، وفي رواية للثالث :
فما أنسى غداة يقول حزنا |
|
اتتركنا وتزمع لانطلاق |
(٣) عقاب الأعمال للصدوق ص ٣٥ ، ورجال الكشي ص ٧٤.