سبع سنين. والمشهور المذكور في القصص والتواريخ ـ بل الظاهر أنه مرويّ أيضا ـ أن يحيى عليهالسلام قتل في زمن أبيه.
ويعضده ما رواه الصدوق في كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) في حديث أحمد بن إسحاق وسعد بن عبد الله ، وجواب صاحب الزمان عليهالسلام وهو صبي ـ وهو طويل ـ قال فيه : قلت : فأخبرني يا بن رسول الله عن تأويل (كهيعص) (١). قال : «هذه الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثمّ قصّها على محمد صلىاللهعليهوآله ، وذلك أن زكريا عليهالسلام سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليّا وفاطمة والحسن سرى عنه همّه وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين عليهالسلام خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : إلهي ، ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسلّيت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصّته فقال (كهيعص). فالكاف : اسم كربلا ، والهاء : هلاك العترة ، والياء : يزيد وهو ظالم الحسين ، والعين : عطشه ، والصاد : صبره.
فلمّا سمع بذلك زكريا عليهالسلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : إلهي ، أتفجع خير خلقك بولده؟ إلهي أتنزل بلوى هذه المصيبة بفنائه؟ إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحلّ كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟
ثمّ كان يقول : اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني عند الكبر واجعله وارثا وصيا ، واجعل محلّه منّي محلّ الحسين عليهالسلام ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثم افجعني به كما فجعت محمدا حبيبك بولده. فرزقه الله يحيى عليهالسلام وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين عليهالسلام كذلك» ـ وله قصة طويلة (٢) ـ إلى آخر الحديث.
__________________
(١) مريم : ١.
(٢) كمال الدين : ٤٦١ / ٢١.