فإن ظاهر الخبر أنّ الفجيعة به كانت في حياة أبيه ، ولا ينافيه قوله : «وارثا وصيا» ؛ لإمكان الحمل على جعله من أصحاب هذه المرتبة ، إلّا إن تطرّق الحمل على كون الفجيعة بعد الموت ممكن قياسا على فجيعة النبي صلىاللهعليهوآله بالحسين عليهالسلام.
وقد يؤيّد (١) ما دلّ عليه الخبر المتقدم بظاهر قوله عزوجل حكاية عن زكريا عليهالسلام (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي) (٢) ، ولا سيّما على القراءة المشهورة وهي رفع (يَرِثُنِي) وما بعده ، فإنه يتعيّن كونه صفة الولي المسؤول ، ويلزم على تقدير موت يحيى قبله عدم استجابة دعائه عليهالسلام ، مع أن ظاهر قوله (إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) (٣) ـ إلى آخره ـ دال على الاستجابة.
وكذا تتحقق الدلالة في الجملة على قراءة الكسائي وابي عمرو البصري ، وهو جزم (يَرِثُنِي) ، خلافا لجماعة (٤) ، وذلك لأنّ الفعل حينئذ جواب الدعاء ، وظاهر أنّه يفهم من ذكر الجواب بعد السؤال على النحو المذكور [أنّ] المسؤول هو الولي الوارث. وهذا هو قضية السياق كما لا يخفى على أرباب الأذواق.
ومنها ما رواه الصدوق في (الفقيه) (٥) و (الأمالي) (٦) ، وفيه : «وأوصى آصف إلى زكريا ، ودفعها زكريا إلى عيسى عليهالسلام ، وأوصى عيسى إلى شمعون بن (٧) حمون الصفا ، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا».
وهذا الخبر هو الذي أشار إليه السائل المتقدّم ذكره ، وهو ظاهر في كون زكريا قد دفع الوصية إلى عيسى عليهالسلام ، مع أن ظاهر صحيحة الكناسي المتقدمة أنه إنّما دفعها إلى يحيى عليهالسلام ، وأن يحيى عليهالسلام بعد أن بلغ عيسى عليهالسلام سبع سنين فوّضها إليه ،
__________________
(١) في «ح» : يؤكد.
(٢) مريم : ٥ ـ ٦.
(٣) مريم : ٧.
(٤) مجمع البيان ٦ : ٦٤٧.
(٥) الفقيه ٤ : ١٢٩ / ٤٥٣.
(٦) الأمالي : ٤٨٧ ـ ٤٨٨ / ٦٦١.
(٧) شمعون بن ، من «ح».