وقد قال علي عليهالسلام : «وما على المؤمن من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكّا في دينه ولا مرتابا في يقينه» (١).
وقال عمّار بن ياسر رضياللهعنه : والله لو ضربونا حتّى [يبلغونا] (٢) سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحق وأنّهم على الباطل. وهذا واضح لمن تأمله) (٣) انتهى.
وحينئذ ، فقول ذلك القائل ـ في جواب ما أورده من جانب الخصم ـ : (قلنا :سلّمت أنّهم لم يكونوا خلفاء بالفعل بل بالقوة) مغالطة لا تروج إلّا عند ناقصي الأذهان من البلّه والنساء والصبيان.
وثالثا : أنّ ما زعمه من له انتفاء الفائدة في خلافتهم مع عدم تصرفهم ؛ فإن فيه ما ذكره أفضل المحقّقين في (التجريد) بقوله : (ووجوده لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وعدمه (٤) منّا) (٥) يعني أن وجود الإمام لطف ، سواء تصرف أم لا.
ويعضده ما نقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : «لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، إمّا ظاهر مشهور ، أو خائف مغمور ؛ لئلا تبطل حجج الله وبيّناته» (٦).
ويعضده أيضا ما رواه أحمد بن حنبل في (المسند) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «النّجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت ذهبوا ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض» (٧).
وبالجملة ، فإنّ منعهم من التصرّف لا يمنع من اللطفيّة (٨) المقصودة من إيجادهم وإمامتهم.
__________________
(١) في المصدر : بيقينه ، بدل : في يقينه.
(٢) من المصدر ، وفي النسختين : بلغونا.
(٣) كشف الغمة ١ : ٥٩.
(٤) في المصدر : غيبته ، غير أن في نسخة كشف المراد : ٣٦٢ ، ونسخة شرح القوشجي : ٤٠٠ وردت العبارة بلفظ : عدمه.
(٥) تجريد الاعتقاد : ٢٢١.
(٦) نهج البلاغة : ٦٨٦ ـ ٦٨٧ / الكلام : ١٤٧.
(٧) مسند أحمد بن حنبل ٤ : ٣٩٩.
(٨) من «ح» ، وفي «ق» : اللطيفة.