الإسلامي. ومن أبرز
الآثار الباقية من كلامه في هذا الموضوع الخطبة القاصعة ، وهي وثيقة عظيمة الأهمية
في الدلالة على وجهة نظره عليهالسلام
.
أمّا معاوية فقد استغل هذه الروح في
ميدانَين ؛ فقد أثار بالقول والفعل العصبية القبلية عند القبائل العربية ليضمن
ولاءها عن طريق ولاء زعمائها من ناحية ، وليضرب بعضها ببعض حين يخشاها على سلطانه
من ناحية أخرى. وآثار العصبية العنصرية عند العرب عموماً ضدّ المسلمين غير العرب ،
وهم الذين يُطلق عليهم المؤرّخون اسم الموالي.
ففي حياة علي عليهالسلام سلك معاوية سبيل
الدسّ والتآمر على حكم علي عليهالسلام
عن طريق إثارة الروح القبلية في سكّان العراق من القبائل العربية ، فتارة يُلوّح
لزعماء هذه القبائل بالامتيازات الماديّة والاجتماعيّة التي يخصّ بها الزعماء
القبليون في الشام ؛ ومن هنا صارت الشام ملاذاً لمَنْ يغضب عليه الإمام عليهالسلام من هؤلاء الزعماء
لجناية جناها ، أو خيانة خانها في عمله ، ومطمحاً لمَنْ يريد الغنى والمنزلة ،
فيجد عند معاوية الإكرام والعطاء الجزل ، والمنزلة الاجتماعيّة الرفيعة.
وقد كتب الإمام علي عليهالسلام إلى سهل بن حنيف عامله على المدينة في شأن قوم من أهلها
لحقوا بمعاوية :
«وإِنَّمَا هُمْ أَهْلُ دُنْيَا مُقْبِلُونَ
عَلَيْهَا ، وَمُهْطِعُونَ إِلَيْهَا ، وَقَدْ عَرَفُوا الْعَدْلَ وَرَأَوْهُ ،
وَسَمِعُوهُ وَوَعَوْهُ ، وَعَلِمُوا أَنَّ النَّاسَ عِنْدَنَا فِي الْحَقِّ
أُسْوَةٌ فَهَرَبُوا إِلَى الأَثَرَةِ ، فَبُعْداً لَهُمْ وَسُحْقاً» .
__________________