ـ ٦ ـ
بواعث الثورة عند الحسين عليهالسلام
إنّ العنصر الاجتماعي شديد البروز في ثورة الحسين عليهالسلام ، ويستطيع الباحث أن يُلاحظه فيها من بدايتها حتّى نهايتها ، ويرى أنّ الحسين عليهالسلام ثار من أجل الشعب المسلم : لقد ثار على يزيد باعتباره مُمثّلاً للحكم الاُموي. هذا الحكم الذي جوّع الشعب المسلم ، وصرف أموال هذا الشعب في اللذات والرشا ، وشراء الضمائر وقمع الحركات التحرّرية. هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين غير العرب وهدّدهم بالإفناء ، ومزّق وحدة المسلمين العرب ، وبعث بينهم العداوة والبغضاء. هذا الحكم الذي شرّد ذوي العقيدة السياسيّة التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي ، وقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ، وقطع عنهم الأرزاق ، وصادر أموالهم. هذا الحكم الذي شجّع القبيلة على حساب الكيان الاجتماعي للاُمّة المسلمة. هذا الحكم الذي عمل عن طريق مباشر تارة ، وعن طريق غير مباشر تارة اُخرى على تقويض الحس الإنساني في الشعب ، وقتل كلّ نزعة إلى التحرّر بواسطة التخدير الديني الكاذب. كلّ هذا الانحطاط ثار عليه الحسين عليهالسلام ، وها هو يقول لأخيه محمد بن الحنفيّة في وصيته له :
«إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي ، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي