لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) .
بهذه الروح الإنسانيّة الرحبة الآفاق
دعا الإسلام إلى النظر إلى اختلاف القبائل والشعوب ، وبهذه الروح الإنسانيّة
الرحبة حاول الإسلام أن يجعل من القبائل العربية المسلمة أمّة واحدة لا يمزّقها
التناحر القبلي الجاهلي ، وإنّما تربط بين أفرادها أخوّة الإسلام ، ورسالة الإسلام
، وحاول أن يجعل من المسلمين جميعاً ـ على اختلاف أوطانهم ولغاتهم ـ أمّة واحدة
متماسكة ، تجمعها وحدة العقيدة ، ووحدة الهدف والمصير.
وقد عمل النبي صلىاللهعليهوآله طيلة حياته بأقواله
وأعماله على تركيز هذه النظرة الإسلاميّة في وجدان المسلمين ، وجعلها حقيقة حيّة
في تفكيرهم ، وتابعه على ذلك علي عليهالسلام
؛ فعمل على تركيزها بأعماله وأقواله طيلة حياته ، بعد أن شهد عهد عثمان انحرافاً
خطيراً عن هذه النظرة الإسلاميّة ، واتجاهاً خطيراً نحو الروح الجاهلي والعصبية
القبلية التي اتّبعها هو وعمّاله .
ولا نزال حتّى اليوم نحس بحرارة نضال علي عليهالسلام
في هذا المجال ، وإنْ ما سلم من أيدي الحوادث من آثار علي عليهالسلام الكلامية في هذا
الموضوع على قلّته ليدلّنا على عمق النظرة التي نظر بها علي عليهالسلام إلى التكوين القبلي
للمجتمع ، ويدلّنا على وعيه لمدى خطر هذا التكوين القبلي على المجتمع
__________________