تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك.
ثمّ قال لهم الحسين عليهالسلام :
«فإن كنتم في شكّ من هذا القول ، أفتشكّون في أنّي ابن بنت نبيّكم؟ فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيٍّ غيري منكم ولا من غيركم ، وأنا ابن بنت نبيّكم خاصّة. أخبروني ، أتطلبوني بقتيلٍ منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟».
فأخذوا لا يكلّمونه ، فنادى : «يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : أن قد أينعت الثمار ، وأخضرّ الجناب ، وطمت الجمام ، وإنّما تقدم على جُند لك مُجند ، فأقبل». قالوا له : لم نفعل. فقال : «سبحان الله! بلى والله لقد فعلتم» ، ثمّ قال : «أيّها الناس : إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض». فقال له قيس بن الأشعث : أوَ لا تنزل على حكم بني عمّك ؛ فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ ، ولن يصل إليك منهم مكروه فقال له الحسين عليهالسلام : «أنت أخو أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟ (١).
لا والله ، لا اُعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد. عباد الله ، إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون. أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب» (٢).
__________________
(١) محمد بن الأشعث ـ أخو قيس ـ هو الذي آمن مسلم بن عقيل ثم لم يفِ بأمانه ، الطبري ٤ / ٢٨٠ ـ ٢٨١.
(٢) الطبري بتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم ٥ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦ طبعة سنة ١٩٦٤ م ، والكامل ٣ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨.