على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الاجتماعي حين ينظر إليها المجتمع الإسلامي من الزاوية التي كان معاوية سيسلّط عليها الأضواء ، وهي هذا العهد والميثاق الذي نقضه الحسين عليهالسلام وأنصاره من الثائرين ، فيظهرها للرأي العام وكأنّها تمرّد غير مشروع.
ولعلّ هذا هو ما يفسّر جواب الحسين عليهالسلام لسليمان بن صرد الخزاعي حين فاوضه في الثورة على معاوية ، والحسن عليهالسلام حي ، فقد قال له :
«فليكن كلّ رجل منكم حلساً من إحلاس بيته ما دام هذا الإنسان حيّاً ؛ فإنّها بيعة كنتُ والله لها كارهاً ، فإن هلك معاوية نظرنا ونظرتم ، ورأينا ورأيتم» (١).
وجوابه لعدي بن حاتم الطائي وقد فاوضه في الثورة أيضاً بقوله :
«إنّا قد بايعنا وعاهدنا ، ولا سبيل لنقض بيعتنا» (٢).
وقد ثبت على موقفه هذا بعد وفاة الإمام الحسن عليهالسلام ، فقد روى الكلبي ، والمدائني ، وغيرهما من أصحاب السير ، قالوا :
«لمّا مات الحسن بن علي عليهماالسلام تحرّكت الشيعة
__________________
= في بعض الصيغ التي روي بها الميثاق بين الإمام الحسن ومعاوية. والتي يراها دالة عل إعفا الحسن عليهالسلام من كلّ التزام يشعر بأنّه سلّم إلى معاوية ـ بالإضافة إلى السلطان السياسي ـ الإمامة الدينية أيضاً. وهذا رأي لا نملك رفضه ، فشيء آخر غير ما ذكر من النصوص ، وهو شخصيتا الحسن عليهالسلام ومعاوية يعزّز هذا الرأي. ولكن هذا الواقع لا يُغيّر من جوهر المسألة شيئاً ؛ فقد أظهر معاوية للرأي العام أنّ الحسن عليهالسلام قد بايع بما لهذه الكلمة من دلالات زمنية ودينية ، وقد كان المسلمون ينظرون إلى البيعة على أنّها عهد لا يمكن نقضه ولا الفكاك منه. لاحظ كتابنا «نظام الحكم والإدارة في الإسلام» / ٤٨ ، ففيه شواهد تأريخيّة ، ولاحظ أيضاً «الدولة العربيّة وسقوطها» ولهاوزن / ١١٥ ، وسمو المعنى في سمو الذات ـ للشيخ عبد الله العلايلي / ١٠١ ـ ١٠٥.
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٧٣.
(٢) الأخبار الطوال ٢٠٣.