«إنّي رأيت هوى عظم الناس في الصلح ، وكرهوا
الحرب ، فلم أحبّ أن أحملهم على ما يكرهون ؛ فصالحت بقياً على شيعتنا خاصّة من
القتل ، ورأيت دفع هذه الحرب إلى يوم ما ؛ فإنّ الله كلّ يوم هو في شأن» .
وإذاً ، فهذه فترة إعداد وتهيؤ حتّى
يأتي اليوم الموعود ، حين يكون المجتمع قادراً على الثورة مستعداً لها ، أمّا الآن
فلم يبلغ المجتمع هذا المستوى من الوعي ، بل لا يزال أسير الأماني والآمال ، هذه
الأماني والآمال التي بثّت فيه روح الهزيمة التي صوّرها الإمام الحسن عليهالسلام لعلي بن محمد بن
بشير الهمداني حين قال له :
«ما أردت بمصالحتي معاوية إلاّ أن أدفع
عنكم القتل عندما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب ، ونكولهم عن القتال. ووالله لئن
سرنا إليه بالجبال والشجر ما كان بدّ من إفضاء هذا الأمر إليه» .
وإذاً فقد كان دور الحسن عليهالسلام أن يُهيئ عقول
الناس وقلوبهم للثورة على حكم الاُمويِّين ، هذا الحكم الذي كان يشكّل إغراءً
قوياً للعرب في عهد أمير المؤمنين علي عليهالسلام
، والذي غدا فتنة للعراقيين بعده حملتهم على التخلّي عن الإمام الحسن عليهالسلام في أحلك الساعات ،
وذلك بأن يدع لهم فرصة اكتشافه بأنفسهم ، مع التنبيه على ما فيه من مظالم ، وتعدٍّ
لحدود الله.
* * *
ولم يكن الحسين عليهالسلام أقلّ إدراكاً لواقع
مجتمع العراق من أخيه الحسن عليهالسلام
؛ لقد رأى من هذا المجتمع وتخاذله مثل ما رأى أخوه ، ولذلك
__________________