هدف معاصر له أهمية بالغة في تحقيق التكامل الحضاري ، والوعي السياسي لدى الإنسان المسلم بوجه خاص ، حيث إنّ الباحث لا يستطيع ـ وفقاً لهذا أو ذاك منهما ـ أن يفهم ويقدّم الثورة الحسينيّة إلى الإنسان الحديث على ضوء المعطيات المعاصرة في المسألة الاجتماعيّة ، ولا يستطيع أن يكشف عناصر الديمومة والاستمرار في الثورة ـ هذه العناصر التي تجعل من الثورة شيئاً ذا صلة بالحاضر الحيّ ، قادراً على إغناء الحاضر ، وتزويده بعناصر من الفكر والرويّة تجعل النضال في حقل المسألة الاجتماعيّة يجمع ـ إلى جانب الحداثة ـ الأصالة الضرورية للحفاظ على سلامة الشخصيّة الإنسانيّة من التشويه ، أو الذوبان في غمرة المتغيّرات المتسارعة لحضارة ماديّة غير إنسانيّة ، هي الحضارة الماديّة الحديثة.
إنّ النقص الذي يُعاني منه هذان المنهجان يتلافاه ـ فيما نعتقد ـ المنهج الذي وضع هذا الكتاب وفقاً له ؛ فقد عالج ثورة الحسين من زوايا جديدة ، وكشف عن أبعاد جديدة ، وأعماق بكر فيها جعلتها ـ من خلال التفسير الذي قدّم هذا الكتاب ـ ذات مضمون يتّسق مع التطلّعات التي يحملها الإنسان المعاصر إلى مجتمع تسوده العدالة ، وتحكم علاقاته الروح الإنسانيّة وكرامة الإنسان.
وبذلك نأى بها عن أن تكون مجرّد مأساة سببها ظلم البشر ، أو مظهراً لصراع عائلي وشخصي على السلطة والنفوذ ، ولم يُهمل في الوقت نفسه جانب المأساة منها ، والعوامل الشخصيّة فيها ، هذه العوامل التي لوّنت السلوك الثوري لهذا الفريق ، والسلوك القمعي لذاك الفريق دون الاعتراف بأنّ هذه العوامل هي السبب الكامن وراء الثورة الحسينيّة ، حيث إنّ هذا السبب يكمن في الإيديولوجيا التي وجّهت طرفي الصراع نحو الاختيارات المبدئية التي قادت كلاً منهما إلى الاختيار الأخير الذي تمثل في الثورة الحسينيّة.