فقام ابن الزبير وخرج من عنده فقال الحسين عليهالسلام لجماعة كانوا عنده من خواصه : «إنّ هذا الرجل ـ يعني ابن الزبير ـ ليس في الدنيا شيء أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز وقد علم أن الناس لا يعدلون بي ما دمت فيه فيود أنّي خرجت منه لتخلوا له» (١)
وهذه النصحية عكس نصيحته عندما رأى اختلاف أهل مكة إلى الحسين عليهالسلام لمّا وردها ؛ لأنّه أراد أن يتخلّص منه حتّى يتوجّه أهل مكة إليه فقدّم إليه نصيحة مغشوشة كما ذكرها المسعودي في تاريخه.
وبلغ ابن الزبير أنّه ـ يعني الحسين ـ يريد الخروج إلى الكوفة وهو أثقل الناس عليه قد غمّه مكانه بمكّة ؛ لأنّ الناس ما كانوا يعدلونه بالحسين فلم يكن شيء يُؤتاه أحبّ إليه من شخوص الحسين عن مكة فأتاه فقال : أبا عبد الله ما عندك؟ فو الله لقد خفت في ترك جهاد هؤلاء القوم على ظلمهم واستذلالهم الصالحين من عباد الله. فقال الحسين عليهالسلام : «قد عزمتُ على إتيان الكوفة». فقال : وفَّقَكَ الله أما لو أنّ لي بها مثل أنصارك ما عدلْتُ عنها. ثمّ خاف أن يتّهمه (٢) ....
وخرج الحسين عليهالسلام وعبد الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكّة فقدما مكّة ؛ فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطّلب ولزم ابن الزبير الحِجْر ولبس المَعَافريَّ وجعل يُحَرِّض الناس على بني اُميّة وكان يغدو ويروح
____________________
(١) الفصول المهمّة : ص ١٨٤.
(٢) مروج الذهب : ج ٣ ص ٦٧.