قالوا : ولمّا كتب أهل الكوفة إلى الحسين عليهالسلام بما كتبوا به فاستحفّوه للشخوص جاءه عمرو بن عبد الرحمن المخزومي بمكّة فقال له : بلغني أنّك تريد العراق وأنا مشفق عليك من مسيرك ؛ لأنّك تأتي بلداً فيه عمّاله وأُمراؤه ومعهم بيوت الأموال وإنّما الناس عبيد الدينار والدرهم فلا آمن عليك أن يُقاتلك مَنْ وعدك نصره ومَنْ أنت أحبّ إليه ممّن يُقاتلك معه وذلك عند البذل وطمع الدنيا. فقال له الحسين عليهالسلام : «جزاك الله خيراً من ناصح نصحت ويقضي الله» (١)
وكتب إليه عبد الله بن جعفر يُحذِّره ويُناشده الله فكتب إليه : «إنّي رأيتُ رؤيا رأيت فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمرني بأمرٍ أنا ماضٍ له» (٢).
وقالوا : وعرض ابن الزبير على الحسين عليهالسلام أن يُقيم بمكّة فيبايعه ويبايعه الناس كأنّما أراد بذلك أن لا يتّهمه وأن يُعذر في القول فقال الحسين عليهالسلام : «لئن أُقتل خارجاً من مكّة بشبر أحبّ إليَّ من أن أُقتل فيها ولئن أُقتل خارجاً منها بشبرين أحبّ إليَّ من أن أُقتل خارجاً منها بشبر» (٣).
____________________
(١) أنساب الأشراف : ج ٢ ص ٤٦٥ ، أنّه عليهالسلام أجاب ابن عباس بما أقنعه وأنّه لو لم يخرج لكانوا يستحلّون به حرمة الكعبة!! الفصول المهمّة : ص ١٨٥ ؛ تهذيب الكمال : ج ٦ ص ٤١٥ ؛ الأخبار الطوال : ص ٢٤٤ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٤ ص ٢٠٢ ح ٣٥٤٢.
(٢) سير أعلام النبلاء : ج ٤ ص ٤١٤ رقم ٢٧٠.
(٣) أنساب الأشراف : ج ٢ ص ٤٦٧ ، هذا الحديث أيضاً دالّ على أنّه عليهالسلام كان يعلم بأنّه يُقتل وإنّما خرج من مكة لئلاّ يُقتل فيها فيستحلّ به حرمة الحرم.