وأمّا ثانياً : فلأنّ الآية مكّيّة وعبد اللّه بن سلام أسلم بعد الفتح ، ومن هنا سلكوا في تفسيرها مسالك شتّى حتّى قال بعضهم أنّ المقصود بها هو اللّه عزّوجلّ! ولم يلتفت إلى حرف العطف الحاكم بضرورة المغايرة ، فضلاً عن الأخبار المتواترة عن أهل البيت عليهمالسلام في نزول الآية في عليّ عليهالسلام وولده من أهل البيت عليهمالسلام.
جدير بالذكر أنّ ابن الجوزي ذكر في تفسيره (زاد المسير) اختلاف العامة في نزول الآية المذكورة ، وعدّ القول في نزولها في الإمام علي من جملة أقوالهم(١) ، وروى الثعلبي في تفسيره ـ كما في نهج الإيمان ـ نزولها في أمير المؤمنين عليهالسلام من طريقين(٢) ، وقال العلاّمة الطبرسي : (ويؤيد ذلك ـ أي نزولها في عليّ عليهالسلام ـ ما روي عن الشعبي أنّه قال : ما أحد أعلم بكتاب اللّه بعد النبي صلىاللهعليهوآله من علي بن أبي طالب عليهالسلام ومن الصالحين من أولاده)(٣).
ولقد تكاثرت المصاديق على اختصاصه عليهالسلام بهذا الوصف ، وكونه أعلم صحابة رسول اللّه صلىاللهعليهوآله بالكتاب ، فضلاً عن غيرهم ، وهذا ما تعارف عليه الصحابة أنفسهم ، فقد سئل ابن عباس وهو الموصوف بحبر الأُمّة وترجمان القرآن والملازم لعلي عليهالسلام وتلميذه وخريجه كما يعبر ابن أبي الحديد(٤) ، وقد عرف من بين الصحابة بكثرة ما ورد عنه من الروايات
__________________
(١) ابن الجوزي / زاد المسير ٤ : ٢٥١ ـ ٢٥٢.
(٢) ابن جبر / نهج الإيمان : ٥٦٦ فصل ٣٧.
(٣) الطبرسي / مجمع البيان ٦ : ٥٤.
(٤) شرح النهج ١١ : ١٩.