وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) ١ وقوله تعالى : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) ٢.
والتبديل هنا يتالف من رفع الاصل واثبات البدل ، وذلك هو النسخ سواءاً كان المرفوع تلاوة ام حكما.
وهناك من يرفض النسخ ويستنكر وقوعه في القرآن الكريم ، ومنهم المفسر ابو مسلم بن بحر ( ت ٣٧٢ ه ) حيث يقول الفخر الرازي : « اتفق الجمهور على وقوع النسخ في القرآن الكريم وقال ابو مسلم بن بحر : انه لم يقع » ٣ مستندا في ذلك إلى قوله تعالى : (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وشبهته في الاستدلال ان هذه الآية تفيد بان احكام القرآن لاتبطل ابداً ، والنسخ فيه ابطال لحكمٍ سابقٍ ٤ ، ولعلّ هذا التاويل بعيدٌ عن ظاهر الآية التي تفيد بان احكام القرآن موافقةٌ للعقل ، وان اخباره مطابقة للواقع ، والفاظه محفوظة من التغيير والتبديل ، ولربما يكون هذا المعنى اقرب إلى اثبات النسخ ووقوعه منه إلى نفيه وامتناعه ، لان النسخ تصرف الهي حكيمٌ تقتضيه الحكمة ، وترتبط به المصلحة ٥.
وقد اجمعت الإماميّة على ان الحكم الثابت في القرآن ينسخ باية اخرى ، فمرةً تكون هذه الآية الناسخة ناظرةً إلى الحكم المنسوخ ومبينةً لرفعه ، ومرّةً اخرى تكون الآية الناسخة غير ناظرة إلى الحكم المنسوخ ، وانما يلتزم بالنسخ لمجرد التنافي بينهما فيلتزم بان الآية المتاخرة ناسخةٌ لحكم الآية المتقدمة ٦.
اما السنة فهي لاتنسخ القرآن سواءاً كانت متواترةً او احاداً وذلك لان مثل هذا النسخ
__________________
١. الرعد ( ١٣ ) الآية ٣٩.
٢. النحل ( ١٦ ) الآية ١٠١.
٣. الرازي ، مفاتيح الغيب ، ج ٣ ، ص ٢٢٩.
٤. الزرقاني ، مناهل العرفان ، ج ٢ ، ص ٢٠٧ الآية : فصلت ( ٤١ ) ٤٢.
٥. الزرقاني ، مناهل العرفان ، ج ٢ ، ص ٢٠٨.
٦. السيد الخوئي ، البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٨٦ ، الحكيم ، الاصول العامة للفقه المقارن ، ص ٢٤٧.