|
عليهم في هذه الآية ، ليعرفوا صحة ما دعا الرسول إليه ، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورةً لم يكونوا مقلدين لآبائهم ، وكان يجب أن يكون آباؤهم أيضاً عارفين ضرورة ولو كانوا كذلك لماصح الإخبار عنهم بأنّهم لايعلمون شيئاً ولايهتدون ، وإنّما نفى عنهم الاهتداء والعلم معاً ، لأن بينهما فرقاً ، وذلك أنّ الاهتداء لايكون إلا عن بيان وحجة ١. |
رفض الشيخ الطوسي التقليد في الأُمور الاعتقادية شأنه في ذلك شأن كل أتباع المذهب الإمامي القائل بعدم صحة الاعتقاد المبني على التقليد والاتّكال على تقليد المربين أو الآباء :
|
بل يجب على الإنسان بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية أن يفحص ويتأمل في أُصول اعتقاداته المسماة بأُصول الدين ، التي أهمها التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد ، ومن قلد آباءه أو نحوهم في اعتقاده هذه الأُصول فقد ارتكب شططاً وزاغ عن الصراط المستقيم ، ولايكون معذوراً أبداً ٢. |
وقد أكّد الشيخ الطوسي رفضه التقليد في ثنايا تفسيره ، ورد على القائلين به في أكثر من مناسبة ، فهو عند تفسيره لقوله تعالى :
(إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) ٣
قال :
|
والتقليدُ قبيح بموجب العقل ، لأنّه لو كان جائزاً للزم فيه أن يكون الحق في الشيء ونقيضه ، فيكون عابد الوثن يقلّد أسلافه ، وكذلك يقلّد أسلافه اليهودي والنصراني والمجوسي ، وكلّ فريق يعتقد أنّ الآخر على خطإٍ وضلال ، وهذا باطل بلاخلافٍ ، فإذاً |
__________________
١. الطوسي ، التبيان ج ٤ ، ص ٣٩ ٤٠.
٢. المظفر ، عقائد الإماميّة ، ص ٣٢.
٣. الزخرف ( ٤٣ ) الآية ٢٣.