٦. كان باب الاجتهاد مفتوحاً على مصراعيه بسبب الحرية واتساع الفكر ومرونته ، الامر الذي حفز الشيخ الطوسي لان يكمل الاشواط الدراسية المطلوبة ، وفعلاً فقد تم له ما اراد بعد جهدٍ جهيدٍ ومثابرةٍ عالية ، حتى صار « شيخ الطائفة وعمدتها ١ ، ولقب بالامام الاعظم »٢.
استطاع الشيخ الطوسي ـ بما يملك من ثقافةٍ وموهبةٍ وسعة اطّلاعٍ ـ ان يثري المكتبة الإسلاميّة بمؤلفاتٍ هي غاية في الاهمية والجودة ، حيث استقى مادة مؤلفاته من تصانيف القدماء التي تتميز باهمية خاصّةٍ بسبب قربها من عصر الرسالة ، والتحامها بفترةٍ وجودِ الائمة من أهل البيت عليهمالسلام ، وتاثرها باجواء العلم والمعرفة التي كانوا يشيعونها في الأوساط الإسلاميّة انذاك ، ومن هنا اتسمت مؤلفات الشيخ الطوسي بميّزاتٍ خاصة لاتوجد فيما عداها من مؤلفات السلف ومن تلك المميّزات :
١. اصبحت بمثابة المنبع الاول والمصدر الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى ، حيث استقوا منها مادتهم وكتبوا كتبهم.
٢. حوت مؤلفات الشيخ الطوسي خلاصة الكتب المذهبية القديمة ، حيث كانت مكتبة سابور في الكرخ ومكتبات بغداد الاخرى تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هي بخطوط مؤلفيها واقلامهم ، وقدكانت استفادة الشيخ الطوسي من تلك الكتب والمكتبات كبيرةً جداً ، اذ لم يدع كتاباً فيها الا وعمد إلى مراجعته واستخراج ما فيه من منفعةٍ ، وبهذا يكون الطوسي قد اسدى للعلم خدمةً جُلّى من خلال انتقائه لافضل ما حوى عصره من علوم ، ومن ثم عرضها بلغةٍ ميسرةٍ وفي كتب مبوبةٍ وباسلوبٍ متين ، فحفظ بذلك ارثاً ثقافياً وتراثاً حضاريّاً نادراً ، خاصة بعد ان تحولت مكتبة سابور في الكرخ إلى طعمةٍ للنار ابان
__________________
١. ابن داود ، الرجال ، ق١ ، ص ٣٠٦.
٢. الشهيد الاول ، كتاب الاربعين حديثا ، ص ١٨٢.