سواء كانت لفظية كالكلمات التي تشكل مع اللفظ الذي يريد فهمه كلاماً مترابطاً او حالياً كالظرف والملابسات التي تحيط بالكلام ، وتكون ذات دلالةٍ في الموضوع ١.
وحينما يغفل المفسر سياق الآيات القرآنية وطريقة الصياغة والنظم المسلسل الذي جاءت به تلك الآيات فمن الطبيعي ان يقع في مطبات ضخمةٍ اثناء تفسيره للنصوص القرآنية ، وكما حصل للمجبرة حين اقتطعوا نصّاً قرآنيّاً وفسّروه بعيداً عن مبدا الاخذ بالسياق فقالوا في تفسير قوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) ٢ : انّ ذلك يدلّ على انّ الله خالقٌ لافعالنا ٣.
في حين ان الملاحظ في السياق انّها جاءت حكايةً لقول إبراهيم مع قومه واستنكاره لعبادتهم الاصنام والتي هي اجسام ، واللّه تعالى هو المحدث لها ٤.
وكذلك الحال في قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) ٥.
اذ كانت تدل بسياقها على انه الذليل الحقير ٦.
من هنا فان ملاحظة السياق والتناسب والترابط بين الفصول والمجموعات القرآنية ضرورةٌ ومفيدةٌ جداً في فهم مدى القرآن ومواضيعه واهدافه ٧.
ولذلك فان الشيخ الطوسي يستعين بنظم الآيات القرآنية واسلوب صياغتها لتعيين بعض المعاني والكشف عن المقاصد والنكات القرآنية او دعم مايتبنّاه من راي تفسيريّ ، وقد احتوى التبيان على شواهد عديدة كان يؤكد فيها المفسر على العلاقة القائمة بين الآيات ويستخرج منها معنى او مفهوماً فقال :
__________________
١. الصدر ، دروس في علم الاصول ، الحلقة الاولى ، ص ١٣٠.
٢. الصافات ( ٣٧ ) الآية ٩٦.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ٨ ، ص ٤٧٠.
٤. نفس المصدر.
٥. الدخان ( ٤٤ ) الآية ٤٩
٦. عبدالرحمن المك ، اصول التفسير ، ص ٧١.
٧. دروزه ، القرآن المجيد ، ص ٢٠٤.