على تقدير تأنيث الضمير ـ كما في نسخ اخرى نقلها غير واحد من أصحابنا ـ فيحتمل عوده إلى البئر ، أو إلى الميتة ، فلا دلالة فيها إذن على أنّ النزح إنّما هو لأجل التغيّر الّذي يزول غالبا بالعشرين.
ولكنّه لا يقدح في دلالته على أنّه ليس لأجل النجاسة ، بقرينة اعتبار نزح سبع دلاء لدخول الجنب ، لأنّ الجنب بوصف دخوله في البئر لا يستلزم بدنه مباشرة النجاسة والاشتمال عليها كما لا يخفى ، فالرواية بعمومها الشامل لصورة عدم اشتماله عليها تدلّ على النزح ، وهو لا يجامع نجاسة الماء.
وبذلك يتوهّن ما أورد عليها : من أنّها لا تدلّ على أنّه إذا لم يكن لها ريح لم ينزح شيء ، فإنّ دلالتها على النزح ـ على تسليم وجوبه ـ أعمّ من النجاسة فضلا عن توجّه المنع إلى وجوبه.
ومنها : موثّقة يعقوب بن عثيم بأبان بن عثمان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام سام أبرص وجدناه قد تفسّخ في البئر؟ قال : إنّما عليك أن تنزح منها سبع أدل (١) ، قلت : فثيابنا الّتي قد صلّينا فيها نغسلها ونعيد الصلاة؟ قال : « لا » (٢).
وروي في التهذيب عقيب ذلك مرسلا عن جابر بن يزيد الجعفي ، أنّه سأل أبا جعفر عليهالسلام عن السام أبرص في البئر (٣) فقال : « ليس بشيء حرّك الماء بالدلو » (٤).
ولو قيل : بمنع نهوض ذلك دليلا على عدم النجاسة ، لتوجّه المنع إلى كون « سام أبرص » (٥) من ذوات الأنفس ، لعارضناه : ـ بعد التسليم ـ بمنع نهوض النزح الوارد في الأخبار دليلا على النجاسة لوروده بعينه في « سام أبرص » كما في الموثّقة.
ومنها : موثّقة عبد الكريم بن عمرو الواقفي الثقة ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام بئر يستقى منها ، وتوضّؤ به ، وغسل منه الثياب ، وعجن به ، ثمّ علم أنّه كان
__________________
(١) كذا في الأصل.
(٢) الوسائل ١ : ١٧٦ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ١٩ ـ التهذيب ١ : ٢٤٥ / ٧٠٧ ـ الاستبصار ١ : ٤١ / ١١٤.
(٣) كذا في الأصل ، وفي التهذيب الموجود عندنا « الماء » بدل « البئر ».
(٤) التهذيب ١ : ٢٤٥ / ٧٠٨.
(٥) وفي هامش الأصل : « سام أبرص » : من كبار الوزغ ، وهو معرفة إلّا أنّه تعريف جنس ، وهما اسمان جعلا واحدا.