وجه للقدح في الرواية من حيث السند كما لا وجه للقدح فيها من حيث الدلالة ، باحتمال وقوع الفأرة بعد الوضوء مع أنّه لا دلالة فيها على موتها فيها ، فإنّ الاحتمال المذكور يأباه لفظة « الفاء » في قوله : « فيتوضّأ الرجل منها » عقيب قوله : « في الفأرة تقع في البئر » وبذلك يندفع احتمال عدم موتها فيها ، فإنّ مقتضى ظهور ترتيب « الفاء » تبيّن وقوعها قبل الوضوء والصلاة ، ولا ريب أنّ العادة تأبى عن بقائها حيّة في الماء في هذا المقدار من الزمان.
وفي معنى هذا الخبر موثّقة أبان بن عثمان (١) ، ورواية (٢) جعفر بن بشير عن أبي عيينة عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ ففي الاولى ـ قال : سئل عن الفأرة تقع في البئر ، لا يعلم بها إلّا بعد ما يتوضّأ منها ، أيعاد الصلاة؟ فقال : « لا » (٣).
وفي الثانية قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن الفأرة تقع في البئر ، فلا يعلم بها أحد إلّا بعد ما يتوضّأ منها ، أيعيد وضوءه وصلاته ، ويغسل ما أصابه؟ فقال : « لا » (٤).
ومنها : موثّقة زيد بن محمّد بن يونس أبي اسامة الشحّام ، لأبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء » ، قلنا : فما تقول : في صلاتنا : ووضوئنا : وما أصاب ثيابنا؟ فقال : « لا بأس به » (٥) ، والمناقشة فيها باحتمال عدم تحقّق الموت ليست على ما ينبغي ، لكونها دفعا للظاهر.
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم المرويّة في التهذيب عن أحدهما عليهماالسلام في البئر يقع فيها الميتة ، قال : « إذا كان له ريح نزح منها عشرون دلوا » ، وقال : « إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء » (٦) ، ودلالتها بالمفهوم بناء على ما قيل من أنّ النزح لزوال الريح غالبا بالعشرين ، فيدلّ على نفي النزح على تقدير عدم الريح ، ولكنّه إنّما يستقيم على تقدير تذكير الضمير لعوده إلى « الماء » حينئذ ـ كما في النسخة الحاضرة عندنا ـ وأمّا
__________________
(١) فإنّه من الناووسيّة وباقي السند صحاح (منه).
(٢) وانّما عبّرنا عنها بالرواية لجهالة ابن عيينة ، وإن ذكر فيه شيء ربّما يمكن التعويل عليه (منه).
(٣) الوسائل ١ : ١٧٢ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ١١ ـ التهذيب ١ : ٢٣٣ / ٦٧٢ ـ الاستبصار ١ : ٣١ / ٨٢.
(٤) الوسائل ١ : ١٧٤ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ١٣ ـ التهذيب ١ : ٢٣٣ / ٦٧٣ ـ الاستبصار ١ : ٣١ / ٨٣.
(٥) الوسائل ١ : ١٧٣ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ١٢ ـ التهذيب ١ : ٢٣٣ / ٦٧٤ ـ الاستبصار ١ : ٣١ / ٨٤.
(٦) الوسائل ١ : ١٩٥ ب ٢٢ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ التهذيب ١ : ٢٤٤ / ٧٠٣.