عن المسألة بالمرّة.
ويؤيّده الحكم على الوضوء بكونه في الطشت الّذي هو إناء معروف ، فإنّ الغالب بين الناس إنّما هو غسل اليد في الطشت من البول وغيره من قذر وغيره ، وأمّا الاستنجاء عليه ففي غاية الندرة.
وإن قلنا بكون الوضوء حقيقة في الاستنجاء أيضا ومجازا في الأخيرين كانت المسألة من دوران الأمر بين تقييد ومجاز ، وتخصيص ومجاز ، فإن لم نقل بترجيح الثاني لكون التخصيص بنفسه أرجح فلا أقلّ من عدم ترجيح الأوّل ، ولازمه خروج الرواية مجملة لتكافؤ الاحتمالين ، ومعه لا استدلال.
وإن قلنا بكونه حقيقة في الجميع يكون المسألة من باب تعارض مجاز وتقييد معا في مقابلة التخصيص ، ولا ريب أنّ الثاني متعيّن ، ترجيحا لما هو راجح بنفسه وتقليلا لمخالفة الأصل ، ولو حملناه على الأوّل من الأخيرين خاصّة لم يلزم مخالفة أصل أصلا كما لا يخفى ، فلا سبيل إلى الحمل على المعنى الّذي عليه مبنى الاستدلال ، ومعه يبطل أصل الاستدلال.
هذا مع ما عرفت في الرواية من القدح في سندها ، مضافا إلى أنّها لو تمّت دلالتها واستقام سندها لم تكن صالحة لمعارضة ما سبق من روايات المسألة ، لكثرتها وصحّة أسانيد أكثرها ، واعتضادها بالعمل والشهرة العظيمة ، والإجماعات المنقولة.
نعم ، يبقى الكلام في شيئين :
أحدهما : تعميم الدليل بحيث يشمل استنجاء البول أيضا ، والأمر في ذلك هيّن بعد وضوح المدرك ؛ لشمول الأخبار كلا المقامين ، إمّا بأنفسها بناء على ما قرّرناه سابقا في شرح « الاستنجاء » ممّا يقتضي كون هذا اللفظ عامّا ، كما يستفاد من جماعة من أساطين الأصحاب كما تعرفه بملاحظة عباراتهم الآتية بعضها ، أو من جهة الخارج حيث لم نقف على مشكّك في ذلك ، مع استنادهم في الحكم إلى الأخبار المتقدّمة ، بل عباراتهم فيما نعلم مصرّحة بالتعميم ، وظاهرهم الاتّفاق على ذلك كما يشعر به عبارة المدارك : « استثنى الأصحاب من غسالة النجاسة ماء الاستنجاء من الحدثين » (١) ، ونسب
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٢٣.