عنها فمبناها على المعنى الثالث ، أو المعنى الأخير الّذي احتملناه ، وعليه كيف ينطبق الجواب على السؤال ، وكيف يقال : بأنّ الرواية عامّة ورواياتنا خاصّة ، خصوصا إذا حمل « القذر » على إرادة الغائط منه دون مطلق النجاسة كما هو الظاهر.
فالتحقيق في الجواب أن يقال : إنّ لفظة « الوضوء » في متن الواقع إمّا حقيقة في جميع المعاني الأربعة ، أو حقيقة في الأوّلين ومجاز في الأخيرين ، أو حقيقة في الأوّل والأخيرين أو أحدهما ومجاز في الثاني ، أو حقيقة في الأوّل خاصّة ومجاز في البواقي ، ولا يتمّ الاستدلال بشيء من الاحتمالات ، لأنّ الحمل على المعنى الأوّل ممّا لا مجال إليه بقرينة ما قرّرناه ، فهو متعذّر على جميع التقادير ، بل قد عرفت أنّ مبناه على المعنى الثاني ، وعليه يكون الدلالة على صحّة المعارضة متوقّفة على ارتكاب أمرين كلاهما على خلاف الأصل.
أحدهما : حمل الشرطيّة في الجواب على ما لا مفهوم لها ، بأن يكون المراد بالشرطيّة بيان تحقّق الموضوع ـ دون التعليق على الشرط القاضي بانتفاء الحكم في جانب المفهوم لانتفاء شرطه ـ حيث لا موضوع له في جانب المفهوم كما لا يخفى ، فيكون قوله عليهالسلام : « إن كان من بول أو قذر فليغسل ما أصابه » على حدّ قولك : « إن رزقت ولدا فاختنه ، وإن رزقت مالا فاحمد الله ، وإن قدم زيد من السفر فاستقبله » ، وهو كما ترى مجاز لا يصار إليه إلّا مع القرينة المعيّنة.
وثانيهما : اعتبار التقييد في لفظة « قذر » بحملها على خصوص الغائط ، وهو أيضا خلاف الظاهر لظهورها في مطلق النجاسة ، ثمّ إنّه لو قلنا بكون لفظة « وضوء » حقيقة خاصّة في المعنى الأوّل لزم مجاز آخر فيه بحمله على المعنى الثاني ، فيلزم من بناء الاستدلال عليه ارتكاب تقييد ومجازين ، بخلاف ما لو حمل « الوضوء » على أحد الأخيرين فإنّه يستلزم مجازا واحدا ، ولا ريب أنّه أولى ومتعيّن ، ولو قلنا بكونه حقيقة فيهما أيضا أو في أحدهما قوى وجه ضعف الحمل المذكور.
نعم على الحمل عليهما يلزم تخصيص بإخراج ماء الاستنجاء عنه كما هو مبنيّ عليه الجواب ، ولكن لا يوجب ذلك قدحا في الحمل عليهما لكونه خلاف أصل واحد إن قلنا بالحقيقة فيهما أيضا ، أو خلاف أصلين إن قلنا بالمجازيّة فيهما ، وهو على كلّ تقدير يترجّح على حمله على المعنى الثاني ، بل التخصيص إنّما يلزم لو حملناه على الثاني من الأخيرين خاصّة كما لا يخفى ، فلم لا يحمل على الأوّل منهما ليكون خارجا