وقوله : « فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ » تفريع على إخراج الحب وبالأكل يتم التدبير ، وضمير « فَمِنْهُ » للحب.
قوله تعالى : « وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ » قال الراغب : الجنة كل بستان ذي شجر تستر بأشجاره الأرض انتهى. والنخيل جمع نخل وهو معروف ، والأعناب جمع عنب يطلق على الشجرة وهي الكرم وعلى الثمرة.
وقال الراغب : العين الجارحة ـ إلى أن قال ـ ويستعار العين لمعان هي موجودة في الجارحة بنظرات مختلفة ـ إلى أن قال ـ ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها لما فيها من الماء انتهى ، والتفجير في الأرض شقها لإخراج المياه ، والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ » اللام لتعليل ما ذكر في الآية السابقة أي جعلنا فيها جنات وفجرنا فيها العيون بشقها ليأكل الناس من ثمره.
وقوله : « مِنْ ثَمَرِهِ » قيل : الضمير للمجعول من الجنات ولذا أفرد وذكر ولم يقل : من ثمرها أي من ثمر الجنات ، أو من ثمرهما أي من ثمر النخيل والأعناب.
وقيل : الضمير للمذكور وقد يجري الضمير مجرى اسم الإشارة كما في قول رؤبة :
فيها خطوط من سواد وبلق |
|
كأنه في الجلد توليع البهق |
فقد روي أن أبا عبيدة سأله عن قوله « كأنه » فقال كان ذاك.
وفي مرجع ضمير « مِنْ ثَمَرِهِ » أقوال أخر رديئة كقول بعضهم إن الضمير للنخيل فقط ، وقول آخر : إنه للماء لدلالة العيون عليه أو بحذف مضاف والتقدير ماء العيون وقول آخر : إن الضمير للتفجير المفهوم من « فَجَّرْنا » والمراد بالثمر على هذين الوجهين الفائدة ، وقول آخر : إن الضمير له تعالى وإضافته إليه لأنه خلقه وملكه.
وقوله : « وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ » العمل هو الفعل والفرق بينهما ـ على ما ذكره الراغب ـ أن أكثر ما يستعمل العمل في الفعل المقارن للقصد والإرادة ، ولذلك يشذ استعماله في الحيوان والجماد ، ولذلك أيضا يتصف العمل بالصلاح وخلافه فيقال. عمل صالح وعمل طالح ولا يتصف بهما مطلق الفعل.
و « ما » في « وَما عَمِلَتْهُ » نافية والمعنى ولم يعمل الثمر بأيديهم حتى يشاركونا في تدبير