ليس كل شيء ولا كل حي ينطق بالنطق الحقيقي ومثل هذا التخصيص شائع ومنه قوله تعالى في الريح المرسلة إلى عاد : « تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ » الأحقاف : ـ ٢٥.
وقيل : النطق في « أَنْطَقَنَا » بمعناه الحقيقي وفي قوله : « أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ » بمعنى الدلالة فيبقى الإطلاق على حاله.
ويرد عليهما أن تخصيص الآية أو حملها على المعنى المجازي مبني على تسلم كون غير ما نعده من الأشياء حيا ناطقا كالإنسان والحيوان والملك والجن فاقدا للعلم والنطق على ما نراه من حالها.
لكن لا دليل على فقدان الأشياء غير ما استثنيناه للشعور والإرادة سوى أنا في حجاب من بطون ذواتها لا طريق لنا إلى الاطلاع على حقيقة حالها ، والآيات القرآنية وخاصة الآيات المتعرضة لشئون يوم القيامة ظاهرة في عموم العلم.
( بحث إجمالي قرآني في سراية العلم )
كررنا الإشارة في الأبحاث المتقدمة إلى أن الظاهر من كلامه تعالى أن العلم صار في الموجودات عامة كما تقدم في تفسير قوله تعالى : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ » إسراء : ـ ٤٤ فإن قوله : « وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ » نعم الدليل على كون التسبيح منهم عن علم وإرادة لا بلسان الحال.
ومن هذا القبيل قوله : « فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ » وقد تقدم تفسيره في السورة.
ومن هذا القبيل قوله : « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ » الأحقاف : ـ ٦ فالمراد بمن لا يستجيب الأصنام فقط أو هي وغيرها ، وقوله : « يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها » الزلزال : ـ ٥.
ومن هذا القبيل الآيات الدالة على شهادة الأعضاء ونطقها وتكليمها لله والسؤال