إلى نفسها وتحجبهم عن ربهم وتغفلهم عن إحاطة ملكه وتفرده في الحكم وتوحده في الربوبية والألوهية.
فقوله : « يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ » إشارة إلى ارتفاع كل سبب حاجب ، وقوله : « لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ » تفسير لمعنى بروزهم لله وتوضيح فقلوبهم وأعمالهم بعين الله وظاهرهم وباطنهم وما ذكروه وما نسوه مكشوفة غير مستورة.
وقوله : « لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ » سؤال وجواب من ناحيته سبحانه تبين بهما حقيقة اليوم وهي ظهور ملكه وسلطانه تعالى على الخلق على الإطلاق.
وفي توصيفه تعالى بالواحد القهار تعليل لانحصار الملك فيه لأنه إذ قهر كل شيء ملكه وتسلط عليه بسلب الاستقلال عنه وهو واحد فله الملك وحده.
قوله تعالى : « الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ » الباء في « بِما كَسَبَتْ » للصلة والمراد بيان خصيصة اليوم وهي أن كل نفس تجزى عين ما كسبت فجزاؤها عملها ، قال تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » التحريم : ـ ٧.
وقوله : « إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ » تعليل لنفي الظلم في قوله : « لا ظُلْمَ الْيَوْمَ » أي إنه تعالى سريع في المحاسبة لا يشغله حساب نفس عن حساب أخرى حتى يخطئ فيجزي نفسا غير جزائها فيظلمها.
وهذا التعليل ناظر إلى نفي الظلم الناشئ عن الخطإ وأما الظلم عن عمد وعلم فانتفاؤه مفروغ عنه لأن الجزاء لما كان بنفس العمل لم يتصور معه ظلم.
قوله تعالى : « وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ » إلى آخر الآية. الآزفة من أوصاف القيامة ومعناها القريبة الدانية قال تعالى : « إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً » المعارج : ـ ٧.
وقوله : « إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ » الحناجر جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة من خارج وكون القلوب لدى الحناجر كناية عن غاية الخوف كأنها تزول عن مقرها وتبلغ الحناجر من شدة الخوف ، وكاظمين من الكظم وهو شدة الاغتمام.