إحياءته بالبعث للحساب يوم القيامة ، والآية منطبقة على ما في قوله تعالى : « كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ » البقرة : ـ ٢٨.
ولما أحسوا بعدم صدق الإماتة على حال الإنسان قبل ولوج الروح في جسده لتوقفها على سبق الحياة تمحلوا في تصحيحه تمحلات عجيبة من أراد الوقوف عليها فليراجع الكشاف ، وشروحه.
على أنك قد عرفت أن ذكرهم ما مر عليهم من الإماتة والإحياءة إشارة إلى أسباب حصول يقينهم بالمعاد والحياة الدنيا والموت الذي قبلها لا أثر لهما في ذلك.
وقيل : إن الحياة الأولى في الدنيا والثانية في القبر ، والموتة الأولى في الدنيا والثانية في القبر ولا تعرض في الآية لحياة يوم البعث ، ويرد عليه ما تقدم أن الحياة الدنيا لا تعلق لها بالغرض فلا موجب للتعرض لها ، والحياة يوم القيامة بالخلاف من ذلك.
وقيل : المراد بالإحياءتين إحياء البعث والإحياء الذي قبله وإحياء البعث قسمان إحياء في القبر وإحياء عند البعث ولم يتعرض لهذا التقسيم في الآية فتشمل الآية الإحياءات الثلاث والإماتتين جميعا.
ويرد عليه ما يرد على الوجهين السابقين عليه مضافا إلى ما أورد عليه أن ذكر الإماتة الثانية التي في القبر دليل على أن التقسيم ملحوظ والمراد التعدد الشخصي لا النوعي.
وقيل : المراد إحياء النفوس في عالم الذر ثم الإماتة ثم الإحياء في الدنيا ثم الإماتة ثم الإحياء للبعث ، ويرد عليه ما يرد على سوابقه.
وقيل : المراد بالتثنية التكرار كما في قوله تعالى : « ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ » الملك : ـ ٤ ، والمعنى أمتنا إماتة وأحييتنا إحياءة بعد إحياءة.
وأورد عليه أنه إنما يتم لو كان القول : أمتنا إماتتين وأحييتنا إحياءتين أو كرتين مثلا لكن المقول نفس العدد وهو لا يحتمل ذلك كما قيل في قوله : « إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ » النحل : ـ ٥١.
وقولهم : « فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ » دعاء ومسألة في صورة الاستفهام ، وفي تنكير الخروج والسبيل إشارة إلى رضاهم بأي نوع من الخروج كان من أي سبيل كانت