بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ » : البقرة : ٢٥٥ ، وقوله : « هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ » : المؤمن : ٦٦ فلله سبحانه حقيقة كل اسم أحسن لا يشاركه غيره إلا بما ملكهم منه كيفما أراد وشاء.
ويؤيد هذا المعنى ظاهر كلامه أينما ذكر أسماؤه في القرآن كقوله تعالى : « اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » : طه : ٨ وقوله : « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » : إسراء : ١١٠ ، وقوله : « لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » : الحشر : ٢٤ فظاهر الآيات جميعا كون حقيقة كل اسم أحسن لله سبحانه وحده.
وما احتمله بعضهم أن اللام في « الْأَسْماءُ » للعهد مما لا دليل عليه ولا في القرائن الحافة بالآيات ما يؤيده غير ما عهده القائل من الأخبار العادة للأسماء الحسنى ، وسيجيء الكلام فيها في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
وقوله : « فَادْعُوهُ بِها » إما من الدعوة بمعنى التسمية كقولنا : دعوته زيدا ودعوتك أبا عبد الله أي سميته وسميتك ، وإما من الدعوة بمعنى النداء أي نادوه بها فقولوا : يا رحمن يا رحيم وهكذا. أو من الدعوة بمعنى العبادة أي فاعبدوه مذعنين أنه متصف بما يدل عليه هذه الأسماء من الصفات الحسنة والمعاني الجميلة.
وقد احتملوا جميع هذه المعاني غير أن كلامه تعالى في مواضع مختلفة يذكر فيها دعاء الرب يؤيد هذا المعنى الأخير كما في الآية السابقة : « قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » وقوله : « وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ » : المؤمن : ٦٠ حيث ذكر أولا الدعاء ثم بدله ثانيا من العبادة إيماء إلى اتحادهما ، وقوله : « وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ » : الأحقاف : ٦ ، وقوله : « هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » : المؤمن : ٦٥ يريد إخلاص العبادة.
ويؤيده ذيل الآية : « وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » بظاهره فإنه لو كان المراد بالدعاء التسمية أو النداء دون العبادة لكان