أو حقيقة أخرى غير الذات المتعالية.
إلا أن الله سبحانه وعد إجابة دعوة من دعاه كما في قوله : « أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ » : البقرة : ١٨٦ ، وهذا يتوقف على دعاء وطلب حقيقي ، وأن يكون الدعاء والطلب منه تعالى لا من غيره ـ كما تقدم في تفسير الآية ـ فمن انقطع عن كل سبب واتصل بربه لحاجة من حوائجه فقد اتصل بحقيقة الاسم المناسب لحاجته فيؤثر الاسم بحقيقته ويستجاب له ، وذلك حقيقة الدعاء بالاسم فعلى حسب حال الاسم الذي انقطع إليه الداعي يكون حال التأثير خصوصا وعموما ، ولو كان هذا الاسم هو الاسم الأعظم انقاد لحقيقته كل شيء واستجيب للداعي به دعاؤه على الإطلاق. وعلى هذا يجب أن يحمل ما ورد من الروايات والأدعية في هذا الباب دون الاسم اللفظي أو مفهومه.
ومعنى تعليمه تعالى نبيا من أنبيائه أو عبدا من عباده اسما من أسمائه أو شيئا من الاسم الأعظم هو أن يفتح له طريق الانقطاع إليه تعالى باسمه ذلك في دعائه ومسألته فإن كان هناك اسم لفظي وله معنى مفهوم فإنما ذلك لأجل أن الألفاظ ومعانيها وسائل وأسباب تحفظ بها الحقائق نوعا من الحفظ فافهم ذلك.
واعلم أن الاسم الخاص ربما يطلق على ما لا يسمى به غير الله سبحانه كما قيل به في الاسمين : الله ، والرحمن. أما لفظ الجلالة فهو علم له تعالى خاص به ليس اسما بالمعنى الذي نبحث عنه ، وأما الرحمن فقد عرفت أن معناه مشترك بينه وبين غيره تعالى لما أنه من الأسماء الحسنى ، هذا من جهة البحث التفسيري ، وأما من حيث النظر الفقهي فهو خارج عن مبحثنا.
٦ ـ عدد الأسماء الحسنى : لا دليل في الآيات الكريمة على تعين عدد للأسماء الحسنى تتعين به بل ظاهر قوله : « اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى » : طه : ٨ ، وقوله « وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها » : الأعراف : ١٨٠ ، وقوله : « لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » : الحشر : ٢٤ ، وأمثالها من الآيات أن كل اسم في الوجود هو أحسن الأسماء في معناها فهو له تعالى فلا تتحدد أسماؤه الحسنى بمحدد.