أقول : وهذا المعنى منقول عن عدة من مفسري السلف كابن عباس وقتادة وأبي مليكة ، والآية لا تأباه بالنظر إلى أن ذلك حكم يصدق عليه أنه ميثاق مأخوذ على الرجال للنساء ، وإن كان الأظهر أن يكون المراد هو العقد المجرى حين الازدواج.
وفي الدر المنثور ، أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب قال : قال عمر: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية ، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال ، فقالت امرأة : ما ذاك لك قال : ولم؟ قالت : لأن الله يقول : ( وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ) الآية ، فقال عمر : امرأة أصابت ورجل أخطأ.
أقول : ورواه أيضا عن عبد الرزاق وابن المنذر عن عبد الرحمن السلمي ، وأيضا عن سعيد بن منصور وأبي يعلى بسند جيد عن مسروق ، وفيه أربعمائة درهم مكان أربعين أوقية ، وأيضا عن سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني ، والروايات متقاربة المعنى.
وفيه ، أخرج ابن جرير عن عكرمة: في قوله : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) ، قال : نزلت في أبي قيس بن الأسلت ـ خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه ، وفي الأسود بن خلف وكان خلف على بنت أبي طلحة ـ بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ـ وكانت عند أبيه خلف ، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطلب بن أسد ـ كانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن أمية ، وفي منظور بن رباب وكان خلف على مليكة ابنة خارجة ـ وكانت عند أبيه رباب بن سيار.
وفيه ، أخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان الرجل إذا توفي عن امرأة ـ كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء ـ إن لم تكن أمه أو ينكحها من شاء ، فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه محصن ـ فورث نكاح امرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا ـ فأتت النبي صلىاللهعليهوآله فذكرت ذلك له ، فقال : ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا فنزلت : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) الآية ، ونزلت : ( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ).
أقول : وقد تقدم ما يدل على ذلك من روايات الشيعة.
وفيه ، أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله إلا امرأة الأب ـ والجمع بين الأختين ـ فأنزل الله : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ