وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) « إلخ » ليكون تصديقا لوعده تعالى ، ثم حمدهم إذ اتبعوا رضوانه فقال : واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم.
(كلام في التوكل)
وحقيقة الأمر أن مضي الإرادة والظفر بالمراد في نشأة المادة يحتاج إلى أسباب طبيعية وأخرى روحية والإنسان إذا أراد الورود في أمر يهمه وهيأ من الأسباب الطبيعية ما يحتاج إليه لم يحل بينه وبين ما يبتغيه إلا اختلال الأسباب الروحية كوهن الإرادة والخوف والحزن والطيش والشره والسفه وسوء الظن وغير ذلك وهي أمور هامة عامة ، وإذا توكل على الله سبحانه وفيه اتصال بسبب غير مغلوب البتة وهو السبب الذي فوق كل سبب قويت إرادته قوة لا يغلبها شيء من الأسباب الروحية المضادة المنافية فكان نيلا وسعادة.
وفي التوكل على الله جهة أخرى يلحقه أثرا بخوارق العادة كما هو ظاهر قوله : « وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ » الآية ، وقد تقدم شطر من البحث المتعلق بالمقام في الكلام على الإعجاز.
قوله تعالى : « ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ » الآية ، ظاهر الآية أن الإشارة إلى الناس الذين قالوا لهم ما قالوا ، فيكون هذا من الموارد التي أطلق فيها القرآن الشيطان على الإنسان كما يظهر ذلك من قوله : « مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ » : الناس ـ ٦ ، ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك : ( فَلا تَخافُوهُمْ ) أي الناس القائلين لكم ما قالوا لأن ذلكم الشيطان ، وسنبحث في هذا المعنى بما يكشف القناع عن وجه حقيقته إن شاء الله تعالى.
(بحث روائي)
الروايات الواردة في غزوة أحد كثيرة في الغاية ، وهي مختلفة اختلافا شديدا في جهات القصة ربما أدت إلى سوء الظن بها ، وأكثرها اختلافا ما ورد منها في أسباب