فأقول : لانّ قرائته هو عرض قصّة القتل على عدل الله جلّ جلاله ليأخذ بثأره كما وعد من العدل ، وامّا تجدّد الحزن كلّ عشر والشهداء صاروا مسرورين ، فلانّه مواساة لهم في أيّام العشر حيث كانوا فيها ممتحنين ، ففي كلّ سنة ينبغي لأهل الوفاء أن يكونوا وقت الحزن محزونين ووقت السرور مسرورين.
فصل (١٨)
فيما نذكره ممّا يعمل عند تناول الطعام يوم عاشوراء
اعلم انّنا ذكرنا ان يوم عاشوراء يكون على عوائد أهل المصائب في العزاء ، ويمسك الإنسان عن الطعام والشراب إلى آخر نهار يوم المصاب ، ثمّ يتناول تربة شريفة ويقول من الدعوات ما قدّمناه عند تنال المأكولات في غير هذا الجزء من المصنّفات.
ونزيد على ما ذكرناه ان نقول :
اللهُمَّ إِنَّنا أَمْسَكْنا عَنِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ حَيْثُ كانَ اهْلُ النُّبُوَّةِ فِي الْحُرُوبِ وَالْكُرُوبِ ، وَامّا حَيْثُ حَضَرَ وَقْتُ انْتِقالِهِمْ بِالشَّهادَةِ إِلى دارِ الْبَقاءِ وَظَفَرُوا بِمَراتِبِ الشُّهَداءِ وَالسُّعَداءِ ، وَدَخَلُوا تَحْتَ بِشاراتِ الآياتِ بِقَوْلِكَ جَلَّ جَلالُكَ :
( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١).
فَنَحْنُ لَهُمْ مُوافِقُونَ ، فَنَتَناوَلُ الطَّعامَ الانَ حَيْثُ انَّهُمْ يُرْزَقُونَ فِي دِيارِ الرِّضْوانِ ، مُواساةً لَهُمْ فِي الإِمْساكِ وَالإِطْلاقِ ، فَاجْعَلْ ذلِكَ سَبَباً لِعِتْقِ الأَعْناقِ وَاللِّحاقِ لَهُمْ فِي دَرَجاتِ الصَّالِحِينَ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.