وتطاولت إليهما فيه الأعناق ، وحفّت رسل رسول الله صلىاللهعليهوآله بهم ، فأمر أبو حارثة بالجامعة ففتح طرفها واستخرج منها صحيفة آدم الكبرى المستودعة علم ملكوت الله عزّ وجلّ جلاله وما ذرء وما برء في أرضه وسمائه وما وصلهما جلّ جلاله من ذكر عالميه ، وهي الصحيفة التي ورثها شيث من أبيه آدم عليهالسلام عمّا دعا من الذكر المحفوظ.
فقرء القوم السيد والعاقب وحارثة في الصحيفة تطلّبا لما تنازعوا فيه من نعت رسول الله صلىاللهعليهوآله وصفته ومن حضرهم يومئذ من الناس إليهم مضجّون (١) مرتقبون لما يستدرك من ذكري ذلك ، فألفوا في المسباح (٢) الثاني من فواصلهما : بسم الله الرحمن الرحيم انّا الله لا إله إلاّ أنا الحي القيوم ، معقّب الدهور وفاصل الأمور ، سبقت بمشيّتي الأسباب وذلّلت بقدرتي الصعاب ، فانا العزيز الحكيم الرحمن الرحيم ، ارحم ترحم ، سبقت رحمتي غضبي وعفوي عقوبتي ، خلقت عبادي لعبادتي وألزمتهم حجّتي ، الا انّي باعث فيهم رسلي ومنزل عليهم كتبي ، أبرم ذلك من لدن أوّل مذكور من بشر إلى أحمد نبيي وخاتم رسلي ، ذاك الذي اجعل عليه صلواتي واسلك في قلبه بركاتي وبه أكمل أنبيائي ونذري.
قال آدم عليهالسلام : الهي من هؤلاء الرسل ومن أحمد هذا الذي رفعت وشرّفت؟ قال : كلّ من ذريتك وأحمد عاقبهم ، قال : ربّ بما أنت باعثهم ومرسلهم؟ قال : بتوحيدي ، ثم اقفى ذلك بثلاثمائة وثلاثين شريعة ، انظمها وأكملها لأحمد جميعا فأذنت لمن جاءني بشريعة منها مع الأيمان بي وبرسلي ان ادخله الجنّة ، ثم ذكر ما جملته : انّ الله تعالى عرض على آدم عليهالسلام معرفة الأنبياء عليهمالسلام وذرّيّتهم ونظرهم آدم.
ثم قال ما هذا لفظه : ثم نظر آدم عليهالسلام إلى نور قد لمع فسدّ الجو المنخرق ، فأخذ بالمطالع من المشارق ثم سرى كذلك حتّى طبق المغارب ثم سمى حتّى بلغ ملكوت السماء ، فنظر فإذا هو نور محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله وإذا الأكناف به قد
__________________
(١) مصيحون ( خ ل ).
(٢) المصباح ( خ ل ).