قال حارثة : قد اعلم انا وايّاكما في رجع من القول منذ (١) ثلاث وما ذاك الاّ ليذكر ناس ويرجع فارط (٢) وتظهر لنا الكلم (٣) وذكرتما نبيّين يبعثان يعتقبان بين مسيح الله عزّ وجلّ والساعة قلتما وكلاهما من بني إسماعيل ، أوّلهم محمّد بيثرب وثانيهما أحمد العاقب ، وامّا محمّد صلىاللهعليهوآله أخو قريش هذا القاطن بيثرب فآياته حقّ مؤمن أجل وهو والمعبود أحمد الذي نبّأت به كتب الله عزّ وجلّ ودلّت عليه آياته وهو حجّة الله عزّ وجلّ ورسوله صلىاللهعليهوآله الخاتم الوارث حقّا ولا نبوّة ولا رسول الله عزّ وجلّ ولا حجّة بين ابن البتول والساعة غيره ، بلى ومن كان منه من ابنته البتولة البهلولة (٤) الصدّيقة فأنتما (٥) ببلاغ الله لكنّكما من نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله في أمر مستقرّ ، ولو لا انقطاع نسله لما ارتبتما فيما زعمتما به انه السابق العاقب؟ قالا : أجل انّ ذلك لمن أكبر أماراته عندنا.
قال : فأنتما والله فيما تزعمان من نبيّ ثان من بعده في أمر ملتبس والجامعة يحكم في ذلك بيننا ، فتنادي الناس من كل ناحية وقالوا : الجامعة يا أبا حارثة الجامعة ، وذلك لما مسّهم في طول تحاور الثلاثة من السأمة والملل ، وظنّ القوم مع ذلك ان الفلج (٦) لصاحبيهما لما كانا يدّعيان في تلك المجالس من ذلك ، فأقبل أبو حارثة إلى علج (٧) واقف منه فقال : امض يا غلام فات بهما ، فجاء بالجامعة يحملها على رأسه وهو لا يكاد يتماسك بها لثقلها.
قال : فحدّثني رجل صدق من النجرانية ممّن كان يلزم السيد والعاقب ويخفّ لهما في بعض أمورهما ويطّلع على كثير من شأنهما ، قال : لمّا حضرت الجامعة بلغ ذلك من
__________________
(١) منك ( خ ل ).
(٢) فارط : مقصّر.
(٣) يطمئن لنا الكلم ، تطهّر لنا الكلام ( خ ل ).
(٤) البهلولة ( خ ل ) ، أقول : البهلول : السيد الجامع لكل خير.
(٥) فأنتما ( خ ل ).
(٦) أفلج الله حجته : أظهرها.
(٧) العلج : رجل ضخيم من كفّار عجم ، قيل من مطلق الكفار.