على ضريحه (١) ، فلو كان له بقيّة لكان لك بذلك مقالا إذا ولّت انباؤه الّذي تذكر.
قال حارثة : العبر لعمرو الله كثيرة والاعتبار بها قليل ، والدليل موف على سنن السبيل ان لم يعش عنه ناظر وكما انّ أبصار الرمدة لا تستطيع النظر في قرص الشمس لسقمها (٢) ، فكذلك البصائر القصيرة لا تتعلق بنور الحكمة لعجزها ، ألا ومن كان كذلك فلستماه ـ وأشار إلى السيد والعاقب ـ إنكما ويمين الله لمحجوجان بما أتاكما الله عزّ وجلّ من ميراث الحكمة وأستودعكما من بقايا الحجة ، ثم بما أوجب لكما من الشرف والمنزلة في الناس ، فقد جعل الله عزّ وجلّ من أتاه سلطانا ملوكا للناس وأربابا وجعلكما حكما وقوّاما على ملوك ملّتنا وذادة (٣) لهم يفزعون إليكما في دينهم ولا تفزعان إليهم وتأمرانهم فيأتمرون لكما وحقّ لكل ملك أو موطّإ الأكناف ان يتواضع لله عزّ وجلّ إذ رفعه ، وان ينصح لله عزّ وجلّ في عباده ولا يدهن في امره وذكرتما محمدا بما حكمت له بالشهادات الصادقة وبيّنة فيه الاسفار المستحفظة ، ورأيتماه مع ذلك مرسلا إلى قومه لا إلى الناس جميعا وان ليس بالخاتم الحاشر (٤) ولا الوارث العاقب لأنكما زعمتماه أبتر أليس كذلك؟ قالا : نعم.
قال : أرأيتكما لو كان له بقية وعقب هل كنتما ممتريان لما تجدان وبما تكذّبان (٥) من الوراثة والظهور على النواميس انّه النبي الخاتم والمرسل إلى كافة البشر؟ قالا : لا ، قال : أفليس هذا القيل لهذه الحال مع طول اللّوائم والخصائم عندكما مستقرّا؟ قالا : أجل ، قال : الله أكبر ، قالا : كبّرت كبيرا فما دعاك إلى ذلك؟ قال حارثة : الحق أبلج والباطل لجلج ، ولنقل ماء البحر ولشقّ الصّخر أهون من اماتة ما أحياه الله عزّ وجلّ واحياء ما أماته الآن ، فاعلما انّ محمدا غير أبتر وانّه الخاتم الوارث والعاقب الحاشر حقّا ، فلا نبي بعده وعلى أمته تقوم الساعة ، ويرث الله الأرض ومن عليها وانّ من ذريّته الأمير الصالح
__________________
(١) موف على ضريحه : مشرف على الموت.
(٢) بسقمها ( خ ل ).
(٣) زادة ( خ ل ) ، ذاده : منعه.
(٤) الحاشر من أسماء النبي صلىاللهعليهوآله لانّه يحشر الناس ممن على دينه خلفه.
(٥) تمتريان لما تجدان وبما تذكران ( خ ل ).