وأمّا أهل الكتاب فابن الجنيد يرى طهارتهم على كراهيّة.
والمفيد في أحد قوليه يوافقه على ذلك في اليهود والنصارى منهم على ما حكاه عنه المحقّق (١).
والباقون ـ ممّن وصل إلينا كلامه ـ على نجاستهم.
احتجّوا لنجاسة من عدا أهل الكتاب بقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (٢) ، وبقوله سبحانه ( كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) (٣).
واورد على الاحتجاج بالآية الاولى : أنّ النجس مصدر ، فلا يصحّ وصف الجثّة به إلّا مع تقدير كلمة ذو ، ولا دلالة في الآية معه ؛ لجواز أن يكون الوجه في نسبتهم إلى النجس عدم انفكاكهم من النجاسات العرضيّة ؛ لأنّهم لا يتطهّرون ولا يغتسلون ، والمدّعى نجاسة ذواتهم.
ثمّ إنّه يرد عليه أيضا : عدم إفادة كلام أهل اللغة كون معنى النجس لغة هو المعهود شرعا ، وإنّما ذكر بعضهم أنّه المستقذر. وقال بعض : إنّه ضدّ الطاهر. ومن المعلوم أنّ المراد بالطهارة في إطلاقهم معناها اللغوي.
فعلى التفسيرين لا دلالة له على النصّ المعهود في الشرع ، فيتوقّف إرادته منه على ثبوت الحقيقة الشرعيّة أو العرفيّة المعلوم وجودها في زمن الخطاب. وفي الثبوت نظر. وعلى تقدير التسليم ، فالآية مختصّة بمن صدق عليه عنوان المشرك ، والمدّعى أعمّ منه.
وقد أجاب في المنتهى عن الوجه الأوّل من الإيراد بأنّ المصادر يصحّ
__________________
(١) المعتبر ١ : ٩٦ ، مبحث الأسآر.
(٢) سورة التوبة ، الآية ٢٨.
(٣) سورة الأنعام ، الآية ١٢٥.