أيضا (١).
أمّا الشيخ فلأنّه قال في النهاية : يكره أن يدعو الإنسان أحدا من الكفّار إلى طعامه فيأكل معه ، فإن دعاه فليأمره بغسل يديه ثمّ يأكل معه إن شاء (٢).
وأمّا ابن الجنيد فإنّه قال في مختصره : ولو تجنّب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم وكذلك ما صنع في أواني مستحلّي الميتة ومواكيلهم وما لم يتيقّن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط.
وعندي في نسبة الخلاف إلى الشيخ باعتبار العبارة المحكيّة نظر ؛ لأنّه قال قبلها بأسطر : ولا يجوز مواكلة الكفّار على اختلاف مللهم ، ولا استعمال أوانيهم إلّا بعد غسلها بالماء. ثمّ قال : وكلّ طعام تولّاه بعض الكفّار بأيديهم وباشروه بنفوسهم لم يجز أكله ؛ لأنّهم أنجاس ينجس الطعام بمباشرتهم إيّاه (٣).
وهذا الكلام صريح في الحكم بنجاستهم فلا بدّ من حمل الكلام الآخر على خلاف ظاهره ؛ إذ من المستبعد جدّا الرجوع عن الحكم في هذه المسافة القصيرة وإبقائه مثبتا في الكتاب.
ولعلّ مراده المواكلة التي لا [ تتعدّى ] معها النجاسة ، كأن يكون الطعام جامدا ، أو في أواني متعدّدة ، ويكون وجه الأمر بغسل يديه إرادة تنظيفهما من آثار القاذورات التي لا ينفكّ عنها الكافر في الغالب فمواكلته على هذه الحال بدون غسل يديه مظنّة حصول النفرة.
وقد تعرّض المحقّق في نكت النهاية للكلام على هذه العبارة ، فذكر على
__________________
(١) مسالك الأفهام ٢ : ١٩٦ ، الطبعة الحجريّة.
(٢) النهاية ونكتها ٣ : ١٠٧ ، كتاب الأطعمة ، الأطعمة المحظورة والمباحة.
(٣) النهاية ونكتها ٣ : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، كتاب الأطعمة ، الأطعمة المحظورة والمباحة.