هو لزوم الحرج والمشقّة من التكليف بالتحرّز عنها.
وهذا عجيب ؛ فإنّ الدليل على نجاسة المبان من الحيّ كما علمت : إمّا الإجماع أو الأخبار التي ذكرناها (١) أو الاعتباران (٢) اللّذان حكيناهما عن بعض الأصحاب أعني مساواة الجزء للكلّ ، ووجود معنى الموت فيه.
والإجماع لو كان متناولا لما نحن فيه لم يعقل الاستثناء منه.
والأخبار على تقدير صحّتها ودلالتها وعمومها إنّما [ تقتضي ] نجاسة ما انفصل في حال وجود الحياة فيه ، لا ما زالت عنه الحياة قبل الانفصال ، كما في موضع البحث. والنظر إلى ذينك الاعتبارين يقتضي ثبوت التنجيس وإن لم [ تنفصل ] تلك الأجزاء ؛ لتحقّق معنى الموت فيها قبله ولا ريب في بطلانه.
والتحقيق أنّه ليس لما يعتمد عليه من أدلّة نجاسة الميتة وأبعاضها وما في معناها من الأجزاء المبانة من الحيّ دلالة على نجاسة نحو هذه الأجزاء التي يزول عنها أثر الحياة في حال اتّصالها بالبدن ، فهي على أصل الطهارة. وإذا كان للتمسّك بالأصل مجال فلا حاجة إلى تكلّف دعوى لزوم الحرج وتحمّل عبء في إثباته في جميع الأحوال ليتمّ الحكم بالطهارة مطلقا.
وقد ذكر العلّامة في النهاية أيضا حكم هذه الأجزاء. واستقرب الطهارة كما قال في المنتهى ؛ وعلّلها بعدم إمكان التحرّز وبالرواية ولم يبيّنها (٣). ولعلّه أراد بها صحيحة عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يكون به الثؤلول أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثؤلول وهو في صلاته
__________________
(١) في « ب » : الأخبار التي ذكروها.
(٢) في « ج » : والاعتباران.
(٣) نهاية الإحكام ١ : ٢٦٩.