قلت : لو ابقي حديث ابن بزيع على ظاهره لسقطت هذه المباحث من أصلها ، لكنّ المعارض أخرجه عن الظاهر فانتفى احتمال النظر إليه.
وأمّا خلوّه من المقتضي لكون الحكم خاصّا بحال وجود العين كما في الأخبار الاخر فمسلّم إن أوّلناه بأحد الوجهين اللذين ذكرناهما أوّلا. ولكنّه يصير حينئذ خاصّا بحال جفاف النجاسة بغير الشمس فلا ينافي ما قلناه.
وأمّا على تأويله بالوجه الأخير فاختصاصه بحال وجود العين ظاهر.
فإن قلت : إذا كان الحكم بنجاسة الأرض بعد ذهاب العين في صورة جفافها بغير الشمس ثابتا بالنصّ فالمتّجه عدم طهارتها بالشمس لو عادت إليها الرطوبة بوجه غير مطهّر وجفّفتها الشمس تمسّكا بالاستصحاب المقبول.
قلت : طهارة الأرض بتجفيف الشمس للرطوبة الحاصلة فيها من عين البول ثابتة بخبر زرارة السابق ، فطهارتها بتجفيف الشمس للرطوبة الحاصلة من الماء المنفعل بالبول أولى. وقد مرّ نظير هذا في الدم المعفوّ عنه حيث ألحقوا به في العفو ما يتنجّس به نظرا إلى الأولويّة المذكورة.
فروع :
[ الفرع ] الأوّل :
جمهور الأصحاب على أنّ الجفاف الحاصل بغير الشمس لا يثمر طهارة.
وقال الشيخ في الخلاف : الأرض إذا أصابتها نجاسة مثل البول وما أشبهه وطلعت عليها الشمس أو هبّت عليها الريح حتّى زالت عين النجاسة فإنّها تطهر ويجوز السجود عليها ، والتيمّم بترابها وإن لم يطرح عليها الماء.
واحتجّ للحكم بإجماع الفرقة ، وقوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (١).
__________________
(١) سورة المائدة : ٦ ، وسورة النساء : ٤٣.