وتحقيقه : أنّ ادّعاء صدق مفهوم الغسل مع المزج (١). وإن كان بالنظر إلى الحقيقة فالمزج ليس بمحصّل لحقيقة الغسل قطعا ، وإن كانت باعتبار المجاز فهو صادق بالتراب وحده.
وليس على ترجيح أحد المجازين دليل صريح.
والإطلاق الواقع في الخبر يدلّ بظاهره على الاكتفاء بأقلّ ما يتحقّق معه الاسم فيحتاج إثبات الزائد عنه إلى دليل. هذا غاية ما يمكن أن ينقّح به هذا الجواب المذكور.
وبعد لنا فيه بحث ؛ لأنّ الباء في قوله : « واغسله بالتراب » من الحديث الذي هو مستندهم يحتمل أن يكون للاستعانة ، مثلها في قولك : « كتبت بالقلم » والظرف حينئذ لغو إذ متعلّقه خاصّ مذكور.
ويحتمل أن يكون للمصاحبة ، نحوها في قولك : « دخلت عليه بثياب السفر » ، والظرف على هذا التقدير حال من الغسل المدلول عليه بالأمر أو من الماء لدلالة الغسل عليه وهو حينئذ مستقرّ لكون (٢) متعلّقه أمرا عامّا واجب الحذف وهو الكون أو الاستقرار.
فعلى الأوّل : يتعيّن التجوّز في لفظ الغسل بإرادة الدلك منه لنوع من العلاقة.
وعلى الثاني : لا حاجة إلى التجوّز في الغسل بل يبقى على حقيقته ويحتاج الكلام إلى تقدير المتعلّق للجارّ وهو وإن كان خلاف الأصل إلّا أنّه ليس بالبعيد رجحانه هنا على ذلك التجوّز ؛ إذ مدار وجوه الترجيح في مثله على كثرة الاستعمال وسبق المعنى إلى الفهم ، ولا ريب في قلّة استعمال الغسل
__________________
(١) في « ب » : صدق مفهوم الغسل للمزج.
(٢) في « ب » : بكون متعلّقه.