النجاسة مع اليبوسة في ميتة غير الآدمي.
[ المقام ] الثاني : في خلاف ابن إدريس وقد حكاه عنه جماعة منهم الفاضلان ، واستوفى الكلام فيه احتجاجا وردّا في المعتبر ، فقال أوّلا :
« إذا وقعت يد الميّت بعد برده وقبل تطهيره في مائع فإنّ ذلك المائع ينجس. ولو وقع ذلك المائع في آخر وجب الحكم بنجاسة الثاني ». ثمّ قال :
« وخبط بعض المتأخّرين فقال : إذا لاقى جسد الميّت إناء وجب غسله. ولو لاقى ذلك الإناء مائعا لم ينجس المائع لأنّه لم يلاق جسد الميّت. وحمله على ذلك قياس. والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل ؛ لأنّ هذه نجاسات حكميّات وليست عينيّات. ولا خلاف بين الامّة كافّة أنّ المساجد يجب أن تجنّب النجاسات العينيّة وقد أجمعنا بغير خلاف بيننا : أنّ من غسّل ميّتا له أن يدخل المسجد ويجلس فيه ، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك ، ولأنّ الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بلا خلاف. ومن جملة الأغسال غسل من مسّ ميّتا. ولو كان ما لاقى الميّت نجسا لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا » (١).
ثمّ إنّ المحقّق أخذ في الجواب عن هذه الوجوه التي تمسّك بها ابن إدريس.
فأجاب عن الوجه الأوّل : بأنّه لا يصلح دليلا على دعواه ، بل يصلح جوابا لمن يستدلّ على نجاسة المائع الملاقي للإناء بالقياس على نجاسة الإناء الملاقي للميّت ، لكن لم يستدلّ بذلك أحد. بل نقول لما اجتمع الأصحاب على نجاسة الملاقي للميّت وأجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة لزم من مجموع القولين نجاسة ذلك المائع ، لا بالقياس على نجاسة الملاقي
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٤٩ ، وراجع السرائر ١ : ١٦٣.