برطوبة (١).
وأمّا ابن إدريس فيعزى إليه القول بأنّه إذا لاقى شيء من جسد الميّت مائعا حكم بنجاسته. ولو لاقى ذلك المائع مائعا آخر لم ينجس الثاني (٢).
فالبحث هاهنا في مقامين :
[ المقام ] الأوّل : في خلاف العلّامة وقد ذكره في المنتهى والقواعد ، واحتمله في النهاية (٣).
قال في المنتهى : لو مسّه ـ يعني ميّت الآدميّ ـ رطبا ينجس نجاسة عينيّة.
ولو مسّه يابسا فالوجه أنّ النجاسة حكميّة ، فلو لاقى ببدنه بعد ملاقاته للميّت رطبا لم يؤثّر في تنجيسه ؛ لعدم دليل التنجيس ، وثبوت الأصل الدالّ على الطهارة (٤).
وناقشه فيه بعض الأصحاب بأنّ النصوص دلّت على وجوب غسل الملاقي لبدن الميّت ، وما ذاك إلّا لنجاسته. ومن حكم النجس تنجيسه لغيره مع ملاقاته له برطوبة. وهو كما ترى.
والعجب من جزم العلّامة في هذا الكتاب بكون النجاسة ـ في صورة الملاقاة لميّت الآدميّ باليبوسة ـ حكميّة واستشكاله لذلك في ميتة غيره ، كما حكيناه عنه آنفا ، مع أنّه في ميتة الآدميّ لم يتوقّف في عدم الفرق بين كون الملاقاة برطوبة ويبوسة في حصول التنجيس بها كما رأيت. وقد علمت توقّفه في
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥.
(٢) السرائر ١ : ١٦٣.
(٣) قواعد الأحكام ١ : ٢٣٤ و ٢٣٥ ، ونهاية الإحكام ١ : ١٧٣.
(٤) منتهى المطلب ٢ : ٤٥٦.