وربّما ظهر من كلام العلّامة في المنتهى قول رابع وهو موافقة القول الأوّل في الآدميّ مطلقا ، والثاني في إيجاب غسل ما يلاقيه ميتة غير الآدميّ لا في نجاسته (١). وكأنّه بناه على عدم دلالة الأمر بالغسل على حصول التنجيس.
ويرد عليه : أنّ أكثر أنواع النجاسات استدلّ على نجاستها بإيجاب غسلها.
وكلامه بالنظر إلى الحكم الأوّل واضح. وأمّا بالنظر إلى الثاني فهذه عبارته :
« لا فرق بين أن يمسّ الميتة برطوبة أو لا في إيجاب غسل اليد خاصّة ».
ثمّ قال بعد ذلك « تعليل : هل ينجس اليد لو كانت الميتة يابسة؟ فيه نظر.
ينشأ من كون النجاسات العينيّة يابسة غير مؤثّرة في الملاقي ، ومن عموم وجوب الغسل وإنّما تكون مع التنجيس ، وحينئذ يكون نجاستها عينيّة أو حكميّة. الأقرب الثاني ، فلو لامس رطبا قبل غسل يده لم يحكم بنجاسة على إشكال » (٢). هذا كلامه.
ولو لا ما ذكره أخيرا من الترديد بين كونها عينيّة أو حكميّة على تقدير اختيار النجاسة لأمكن حمل أوّل الكلام على التردّد في كونها عينيّة.
ثمّ إنّ البحث هنا في أصل التنجيس. وأمّا كونه عينا أو حكما فسيأتي الكلام فيه.
حجّة القول الأوّل بالنظر إلى ميتة الآدميّ : إطلاق الأمر بغسل الثوب إذا أصاب جسد الميّت في حسنة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون وقد تقدّمتا في نجاسة الميتة (٣).
__________________
(١) منتهى المطلب ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٢) منتهى المطلب ٢ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٧٦ ، الحديث ٨١٢ و ٨١١.