وبهذا يظهر جودة احتجاج العلّامة وجماعة للحكم بطهارته حينئذ بأصالة الطهارة السالمة عن معارضة يقين النجاسة ، وضعف مناقشة بعض الأصحاب فيه بأنّ الأمر بالعكس ؛ لأنّ النجاسة تحقّقت بمجرّد الولادة فيجب استصحابها وهو أصل سالم عن معارضة يقين الطهارة.
وتوضيح وجه الجودة والضعف : أنّه لا ريب في أنّ الأصل في الأشياء كلّها الطهارة إلى أن يقوم على خلافها دليل وحيث إنّ الدليل المخرج عن حكم الأصل في موضع النزاع مخصوص بالحالة السابقة على الشيء ، فالقدر المحقّق من المخالفة لأصالة الطهارة هو ذاك وما عداه باق على حكم الأصل لعدم قبول الاستصحاب إذا كان دليل الحكم المستصحب مقيّدا بحال كما مرّ.
[ الفرع ] الثاني :
نصّ جمع من الأصحاب على عدم الفرق في نجاسة الكافر بين ما تحلّه الحياة منه وما لا تحلّه.
وظاهر كلام العلّامة في المختلف عدم العلم بمخالف في ذلك سوى المرتضى (١) فإنّه حكم بطهارة ما لا تحلّه الحياة من نجس العين. وقد مرّت حكاية خلافه آنفا. وبيّنا أنّ الحجّة المحكيّة عنه في ذلك ضعيفة.
ولكنّ الدليل المذكور هناك للحكم بالتسوية بين جميع الأجزاء لا يتأتّى هنا لخلوّ الأخبار عن تعليق الحكم بالتنجيس على الاسم كما وقع هناك.
وقد نبّهنا على ما في التمسّك بالآيتين من الإشكال فلا يتمّ التعليق بهما في هذا الحكم حيث وقع التعليق فيهما بالاسم. وحينئذ يكون حكم ما لا تحلّه الحياة من الكافر خاليا من الدليل فيتّجه التمسّك فيه بالأصل إلى أن يثبت
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ٤٧٢ ، كتاب الطهارة ، أصناف النجاسات.