فلا وجه لتقديم بينته على بينة المدعي الخارج حينئذ. بل ينبغي العكس ، لان
العين بعد انتقالها الى يد المدعي ـ أعني زيدا في المثال المذكور ـ يكون هو الداخل
عرفا بمقتضى أصالة صحة يده وتصرفه. وأما مع عدم انتقالها فهو بعد خارج وان كان قضي
له ، إذ لا عبرة بالدخول الحاصل من جهة القضاء.
هذه غاية ما
يوجه به التفصيل المزبور. ولكنه غير وجيه ، لان اليد المستندة إلى القضاء حالها
كحاله ، فلا تصلح منشأ لصيرورة صاحبها داخلا ، بعد ما عرفت من أن المناط في الدخول
والخروج ما كان مع قطع النظر عن القضاء أو عما هو مستند إليه ، لأن المستند الى
المستند إلى الشيء مستند الى ذلك الشيء ، فالدخول المستند اليد إلى المستندة إلى
القضاء مستند إليه حقيقة ، فلا عبرة به.
وأما دعوى
أصالة الصحة في يد المدعي ـ وحاصلها عدم استناد الدخول الى القضاء بل الى اليد بعد
ملاحظة احتمال حقيقتها وإجراء أصالة الصحة فيها ـ فيدفعها ان أصالة الصحة في يده
معارضة بأصالة الصحة في يد المأخوذ منه الداخل ـ أعني عمرا في المثل المزبور ـ وهي
حاكمة على أصالة الصحة في يده ، لان الشك في صحة يده وفسادها مسبب عن الشك في صحة
يد الداخل وفسادها كما لا يخفى. فالأظهر عدم الفرق بين بقاء اليد الحسية وزوالها.
والله العالم.
( الثالث ) إذا
قدمنا بينة الداخل فهل يحتاج معها الى اليمين كما في القواعد أم لا؟.
والتحقيق فيه
أن ينظر الى وجه التقديم : فان كان هو تساقط البينتين وسلامة اليد عن المعارض
افتقر الى اليمين ، لان القضاء بدونها حينئذ يكون قضاء بلا ميزان ، وان كان هو
ترجيح بينة الداخل للاعتضاد باليد فاليمين غير لازمة ، لان الحاكم للداخل على هذا
الوجه مستند الى بينته ، ومع البينة لا حاجة الى اليمين.