ونختار ثانيا الثاني ، فيكون الكافر أيضا منصوصا فيه ، ولكن النصّ يكون مختصّا بنجاسته المستندة إلى موته ، فإن قيد الحيثيّة معتبرة في جميع موجبات النزح ، فمعنى وجوب نزح السبعين لموت الانسان أنّ نجاسة موته يقتضي ذلك ، فالمنصوص فيه إنّما هو نجاسة موت الكافر دون نجاسة كفره ، ويدلّ عموم الانسان على تساوي المسلم والكافر في الاكتفاء لنجاسة موتهما بنزح السبعين وأمّا إذا انضمّت إلى ذلك جهة اخرى للنجاسة كالكفر ونحوه لم يكن للّفظ دلالة على الكفاية. ألا ترى أنّه إن كان بدن الانسان متنجّسا بشيء من النجاسات وكانت العين غير موجودة لم يكف نزح المقدّر للأمرين؟
وبالجملة فالكفر أمر عرضيّ للانسان كملاقاة النجاسة ، فكما أنّ العموم غير متناول لنجاسة الملاقاة فكذا لا يتناول نجاسة الكفر.
وبهذا صرّح والدي العلّامة ( طاب ثراه ) في بعض حواشيه قال :
لا يخفى أنّ المستفاد من النص النزح لنجاسة موت الانسان من حيث هو انسان ميّت وأمّا سائر النجاسات الملاقية للانسان كالمني والبول وغير ذلك ، فلا يظهر منه ، كيف؟ ولو كان الانسان في النص عاما بحيث يشمل جميع ما يصدق عليه الانسان مع أي نجاسة كان لوجب نزح السبعين للانسان الميّت إذا كان مصاحبا لجميع النجاسات فقيد الحيثيّة معتبر. والمراد : أنّه يجب نزح سبعين بموت الانسان من حيث إنّه ميّت ، لا من حيث إنّه كافر أو جنب أو ملاق للمني أيضا. فإنّ الحكم المعلّق على طبيعة يفهم منه عرفا أنّه حكم تلك الطبيعة من حيث هي أينما وجدت ، ولا يفهم كونه حكما لطبيعة اخرى مغايرة لها ، ولا ريب في أنّ نجاسة الكفر ونجاسة الموت طبيعتان متغايرتان ، فكيف يجعل حكم أحدهما حكم الاخرى ، مع أنّه لو صرّح بأنّ حكم نجاسة الكفر نزح الجميع لم يعدّ الحكمان متنافيين. انتهى كلامه رفع مقامه.
وعلى هذا فيكون نجاسة الكفر ممّا لا نصّ فيه ، فإن أوجبنا له الجميع يختصّ نزح السبعين بالمسلم ؛ لأنّ في الكافر يجب نزح الجميع لنجاسة كفره ، ولا يبقى شيء حتى ينزح سبعون لنجاسة موته ، فلا يكون لنجاسة موته نزح ، بخلاف إن لم نوجب الجميع لما لا نصّ فيه ، بل قلنا بأنّ الواجب فيه نزح الثلاثين أو الأربعين فيشترك الكافر والمسلم في