قوله : إن لم نوجب الجميع إلى آخره.
متعلّق بقوله : « سواء في ذلك ». أي : مساواة المسلم والكافر إنّما هو إن لم نوجب الجميع لما لا نصّ فيه. وأمّا إذا قلنا به فيختصّ نزح السبعين بالمسلم ، ويجب نزح الجميع للكافر.
لا يقال : لا يخلو إمّا أن لا يكون لفظ الانسان في النص المبيّن لحكمه شاملا للكافر كما قاله ابن ادريس متمسّكا بالإجماع ومستشهدا بما ورد في حكم ارتماس الجنب في البئر حيث اختصّ بالمسلم ؛ وقاله أيضا بعض آخر محتجّا : بأنّ الانسان في النص مطلق ، فينصرف إلى الفرد الكامل الذي هو المسلم أو يكون شاملا للكافر أيضا كما يستفاد من قول الشارح.
فعلى الأوّل لا تأثير للقول بوجوب الجميع لما لا نصّ فيه ، أو عدمه ، في تسوية المسلم والكافر هنا في الحكم ، أو اختصاصه بالمسلم ، بل يكون الكافر كسائر النجاسات بالنسبة إلى الانسان ، فكما لا يؤثّر اختلاف القولين في تسوية المسلم والكلب ـ مثلا ـ لا يؤثّر في تسوية المسلم والكافر أيضا.
وعلى الثاني ، فيكون الكافر منصوصا فيه ، فلا معنى لتأثير اختلاف القول فيما لا نصّ فيه في حكمه من مساواته للمسلم أو اختصاصه ، وأيضا يجب الحكم بالتسوية حينئذ لا محالة.
لأنّا نقول : نختار أوّلا الاوّل ، فيكون الكافر مما لا نصّ فيه ويختصّ النصّ بالمسلم ، فإذا قلنا بوجوب نزح الجميع لما لا نصّ فيه فيختصّ الكافر بالجميع والمسلم بالسبعين ولا يكون هناك دليل على التسوية. وأمّا إذا قلنا بوجوب الثلاثين أو الأربعين لما لا نصّ فيه فحينئذ يلحق الكافر بالمسلم في وجوب السبعين من باب الأولويّة ، فإنّه لو لم نقل بوجوب السبعين أيضا للكافر يلزم كون نجاسته أخف من نجاسة المسلم ، وهو باطل ، فثبت له السبعون أيضا بطريق أولى ، فيختصّ الحكم بالمسلم مع إيجاب الجميع للكافر الذي لا نصّ فيه ، ويتساوى الكافر والمسلم مع عدمه.